علم الزمن والوقت
كتبت عن صورة الزمن في فكر جملة من العلماء والزعماء؛ وأقر أني ما ترددت مرة ترددي في الكتابة عن صورة الزمن عند أستاذي الدكتور محمد ناصر؛ ذلك أن الذاتي ولا ريب سيتغلب على الموضوعي -وإن كنت لا أقر بهذه الثنائية وأتبنى «التفسيرية» عوضا عنها- وأن المستوى الوجودي سيقهر لا محالة المستوى المعرفي. ولا أتعجب ولا ينبغي أن يتعجب قارئي من هذه الحيرة؛ ذلك أن أول وصف للزمن والوقت في تقديري أنه: «غموض في الذات، وحيرة في الإدراك، ووضوح في الأثر».
وإني أعرض على القارئ «اضطراب فهمي» و«جهلي» بحقيقة الدكتور ناصر، من خلال مدخل مثير وبديع وهو «الترجمة ببعدها الزمني»؛ وأستعرض على أستاذي المساحة الأوسع في منظومتي المعرفية؛ أعني بذلك مساحة تصوري وتقصيري؛ فيما يشبه محاورات طالب لأستاذه (محاورة أرسطو لأفلاطون مثلاً)؛ ورجائي في العفو والصفح اللذين يمثلان سمة من سمات المترجم له.
سأحافظ على تراتبية الحوار الذي أجريته مع الدكتور “ذلك أني لم أكتف بالمادة المتوفرة في الكتب والوثائق والأشرطة السمعية؛ بل رحت أنحت مادة جديدة حية، أعترف بعد أن يسرّها الله تعالى، أنها من أهم المواد المعرفية التي يتوفر عليها أرشيفي الخاص، وأعتز بالتفرد بها؛ ففي تتبع حركة الزمن وصورته تتبع لأدق تفاصيل حياة المترجم له؛ ولذا فينبغي اليوم أن أعلن عن ميلاد «کتاب جديد»، «ترجمة جديدة»، «مصدر جديد» لفهم الظاهرة الفكرية والأدبية والإنسانية؛ المتمثلة في شخصية الدكتور ناصر؛ وأقل ما يعرف به أنه رجل «جاء في غير زمانه، وفي غير مكانه»، وأنه «يستعصي على الفهم، ولذا فالغربة قدره، وسوء التقدير قدر من حوله وأول من أخطأ التقدير في حقه، طالبا العفو منه، هو أنا»
يشتمل الكتاب على 7 فصول وملاحق، وشهادات حية عن الدكتور محمد ناصر، ليختتم بسيرته الذاتية ومسرد أعماله، ولا بأس من إيراد بعض عناوين المقالات:
- الزمن معرفا ومعاشا
- صورة الزمن
- شروق وغروب
- المذكرات عصارة السنين
- ساعة بداخلك
- التربية الأولى (أمنا الحنون لالة حمو، بابا صالح الجندي)
- البركة في العمر، ما هو مدلولها؟ (أو حين يربي المجتمع)
- في القاهرة
- زمن العطاء والإثمار
- الثانية ليلا: فكرة التفرغ للتأليف، والاستقالة عن المهام الاجتماعية
- كرونولوجيا المطالعة: نموذج من مطالعاتي في هذه المرحلة
- مضيعات الوقت
- الهروب، بحثا عن التركيز
- عقدة الجلوس في المقاهي
- العطلة والراحة والرياضة
- القيلولة وأوقات النوم
- عطلاتي الصيفية، كيف أقضيها؟
- الرياضة
- بين الديني والاجتماعي
- الانفصام بين الدين والمجتمع في العلاقة بالوقت
- التقاعد، والتقاعد المبكر
- شهادات حية عن الدكتور ناصر
- الدكتور محمد صالح ناصر القراري: الشيخ زياد المعولي
- قصيدة: النصر الميمون: د. مصطفى بن صالح باجو
- رسالة مفتوحة إلى «الدكتور محمد ناصر»: د. طه كوزي
لقد رضعت من فكره، وقصيده فكرة المقاومة والثبات على المبدأ، وتعطرت في جواره بمسك الأدب ورهافة الحس، واصطبغت بمجالسته مـن يـخـضـور الملحة والحكمة والطرفة، وتنفست بمجالسته أوردتي وشراييني قضايا الأمة قبـل هـمـوم «الحومة»، وتلظى فؤادي بهم الوطن فاتسع الأفق أمام ناظري، وانبلجت أسارير الكون أمام عيني؛ حين قال لي بعد أن علم أني أجيد شيئا من «لغة موليير وشكسبير»: أنا أرى فيك ملامح وأحملك خلافة «خليفة النامي»، وأحملك على أن تسلك. طريقه نحو الكونية بعلم وحلم وأناة… لا أعرف اليوم هل حققت رجاءه أم خيبت ظنه؟ فقد قصرت عن رؤياه، وما وسعني إنفاذ رؤيته
طه كوزي
فها أنا أجتهد وأستفرغ الوسع ما استطعت في تحرير هذه «الترجمة ببعدها الزمني»؛؛ وإيماني عميق بمعنى الاجتهاد في المدلول النبوي لسيدنا محمد ﷺ: «من اجتهد فـأصـاب … ومن اجتهد فأصاب. فأخطأ»، فإن «أُصب» فتلك منيتي، وإن أُخطئ فذاك منتهى نَفَسي. وقدرتي؛ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
= العنوان: الدكتور محمد ناصر – سيرة ذاتية من مدخل علم البرمجة الزمنية.
= المؤلف: د. محمد باباعمي.
= دار النشر: مؤسسة كتابك – الجزائر.
= الطبعة: الأولى – سنة 2019.
= عدد الصفحات: 300.
