كتاب: الأزمنة والأمكنة

التعريف بالمؤلف:

هو أبو علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني (ت 421 هـ) من أهل أصبهان، كان غاية في الذكاء والفطنة وحسن التصنيف وإقامة الحجج وحسن الاختيار، وتصانيفه لا مزيد عليها في الجودة. مات فيما ذكره أبو زكريا يحيى بن منده في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. قال: وكتب عنه سعيد البقال وأخرجه في «معجمه».

وجدت خطه على كتاب شرح الحماسة من تصنيفه، وقد قرىء عليه في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وكان قد قرأ كتاب سيبويه على أبي علي الفارسي وتتلمذ له بعد أن كان رأسا بنفسه. وله من الكتب: كتاب شرح الحماسة أجاد فيه جدا. كتاب شرح المفضليات. كتاب شرح الفصيح. كتاب شرح أشعار هذيل. كتاب الأزمنة وكتاب شرح الموجز وكتاب شرح النحو.

قال الصاحب بن عباد: فاز بالعلم من أصبهان ثلاثة: حائك وحلّاج وإسكاف، فالحائك هو المرزوقي، والحلاج أبو منصور ابن ما شدّة، والإسكاف أبو عبد الله الخطيب بالري صاحب التصانيف في اللغة. وهو يتفاصح في تصانيفه كابن جني، وكان معلّم أولاد بني بويه بأصبهان. إنباه الرواة – ياقوت الحموي 2/506.

نبذة عن الكتاب:

قال المصنِّف في مقدمته: “هذا كتاب الأزمنة والأمكنة، وبيان ما يختلف من أحوالها ويتّفق من أسمائها، وصفاتها، وأطرافها، وإقطاعها، ومتعلقات الكواكب منها في صعودها وهبوطها وطلوعها وغروبها، وجميع ما يأخذ أخذها، أو يعدّ معها، أو لا ينفكّ في الوقوع والاستمرار منها، أو متسبّب بضرب من ضروب التّشابه، أو قسم من أقسام التّشارك إلى الدّخول في أثنائها موشّحة بما يصححها من أشعارهم وأمثالهم، وأسجاعهم ومقامات وقوفهم ومنافراتهم جادّين وهازلين، ومن كلام روّادهم وورّادهم وكتّابهم في ظعنهم وإقامتهم وتتبّعهم مساقط الغيث وبوارح الرّيح، وعندما يقيمون من الجدب، والخصب والسلم والحرب، وقري الضّيف في الشّتاء والصّيف، وأعيادهم، وحجهم، ونسكهم، ووجوه معايشهم ومكاسبهم، وآدابهم”

ثم إن المصنِّف قد ربط بين معاني ما ذكر وآيات من كتاب الله العزيز فيقول “وقد صدرته بجميع آي من كتاب الله تعالى بعض حقائقه لتردد المعاني إذا شافهت الالتباس.. وعلى الله في الأحوال كلها المعوّل والتّكلان. وبعد الفراغ من ذلك أتبعته بالكلام في حقيقة الزّمان والمكان، والرّد على من تكلّم بغير الحق [فيهما]… إذ كانا عندي كالأصل في إلحاد أكثر الملحدين من الأوائل”

فهو هنا يبين عن بعض غرضه من تأليف الكتاب؛ الرد على من تكلم بغير الحق في الزمان والمكان، بعد التأصيل الشرعي لمقولاته.

يذكر المصنف في المقدمة ترتيب أبواب كتابه وفصوله فيقول “ذكر أبواب الأزمنة والأمكنة، وفصولها: هي ثلاثة وستّون بابا، ونيّف وتسعون فصلا:

أ: في ذكر الآي المنهية من القرآن على نعم الله تعالى على خلقه في آناء اللّيل والنّهار، وبيان النّسيء، وفي ذكر أخبار مروية، وفي ذكر الأنواء، وذكر معتقدات العرب فيها وفيما يجري مجراه، وذكر فصل في جواب مسائل للمشهد من الكتاب والسّنة، وفي بيان المحكم والمتشابه وغيرهما، وبيان أسماء الله تعالى وصفاته، وهو يحوي تسعة وعشرين فصلا.

ب: في ذكر أسماء الزّمان والمكان، ومتى تسمى ظروفا، ومعنى قول النّحويين الزّمان ظرف الأفعال، والرّد على من قال فهما بغير الحق من الأوائل والأواخر، ويحتوي على فصول أربعة.

ج: هو يشتمل على بيان اللّيل والنّهار، وعلى فصول من الإعراب تتعلق بظروف الأزمنة والأمكنة، وفصوله ثلاثة.

د: ذكر ابتداء الزّمان، وأقسامه، والتّنبيه على مبادئ السّنة في جميع المذاهب، وما يشاكل من تقسيمها على البروج.

إلى أن يختم بآخر ثلاثة أبواب هي:

سا: في ذكر الاستدلال بالبرق، والحمرة في الأفق وغيرهما على الغيث.

سب: في الكواكب الخنّس، وفي هلال شهر رمضان.

سج: في ذكر مشاهير الكواكب التي تسمّى الثابتة، وهذه التّسمية على الأغلب من أمرها إذ كانت حركة مسيرها خافية غير محسوسة.

في خاتمة آخر فصل يقول المصنف عن كتابه: “تم الباب وبتمام هذا الباب تم الكتاب ولله الحمد بلا عدد. وعلى المصطفى محمد، وآله وأزواجه وذريّاته وأصهاره وأصحابه وأنصاره أبد الأبد صلوات ورضوان وسلام وغفران.

فرغت منه ضحوة يوم الخميس ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة، حامدا الله تعالى على نعمه وأياديه الظّاهرة والباطنة، ومصلّيا على أنبيائه ورسله ومسلما.

قال الشّيخ أبو علي المرزوقي رحمه الله هذا الفصل خاتما به كتابه حرس الله ما خوّلك من الشّتات، وحفظ ما نوّلك من عارض الانبتات، وأعانك في طلب الأدب على الازدياد. ووفقك في سائر متصرّفاتك لصلاح البدء والمعاد.

قد سهّل الله تعالى وله المنّ ما تمنيّت بلوغه من الفراغ من كتاب الأزمنة فجاء على حدّ من الكمال، طاب له العيش وخفّ على النّفس فيه التّعب، وما أدّاني إلى ذلك إلا لطيف هداية الله تعالى جدّه وكريم كفايته …. واعلم أنّ هذا الكتاب ينقسم أقساما ثلاثة وهذا الحكم يتناول جماهير أبوابه وفصوله لا يختصّ به بعض دون بعض.

أحدها: التّنبيه على نعم الله جل جلاله فيما نصب للمكلّفين في آناء اللّيل والنّهار من الأدلّة الواضحة والحكم البالغة، وأفادهم فيما سخّره لهم وأعانهم به في جوانب البر والبحر من النّعم الظّاهرة والباطنة قولا وفعلا وجملا وتفصيلا في بداهة العقل، وعلى ألسنة الرّسل.

فإنّ صلة إحدى النّعمتين بالأخرى فيهما كصلة الإبصار بالضّوء- والأنفاس بالجو- وكما هدى إلى الاستدلال بالشّاهد على الغائب- وبالجلي على الخفي، وكثر ما أشرت إليه يمرّ عليه المارّون، وهم عنها معرضون.

والثّاني: التّذكير بحكم العرب في لغاتهم- وآدابهم- وعاداتهم- ومآربهم- مع تلاحق أقطارهم- وتضايق أوطانهم- ورضاهم بالعفو من مقاماتهم- ومآبهم على اختلاف أسبابهم- وطرقهم، واقتنان هممهم- ووجههم- هذا إلى ما خصّوا به من الفضائل دون الأمم، وتوحّدوا به من جلائل المنح والنّعم، وفوائد هذين القسمين في الاتّساع كالشّمس في ضيائها- والرّيح في هبوبها يتكافأ في نيل الحظ منهما المحب والكاره، ويعترف بهما إذا أنصف المسلم والمعاند.

والثّالث يحوي لمعا من الأشعار- وغررا من النّوادر والآثار- اقتضى ذكرها مناسبتها للأزمان التي هي من همّنا وفرضنا على أنفسنا الوقوف تحت ظلّها، ولو تقصّينا أبوابها لفني العمر وبقي منه الكثير فتطرّفنا منها ما تطرّفنا إيذانا بأنّ الغفلة لم تحل دونها ولئلا تخلو تضاعف الأبواب من بعضها فليعذر النّاظر فيه هذا الكتاب. إذا انتهى إلى المواضع التي أشرنا إليها متصوّرا حالنا، وليحذر إلحاق الغائب بنا، ففي مستحسنه إن شاء الله ما يشغل عن مستهجنه، والشّمس يطمس نورها- ما أحاط من الكواكب بها- وقد قيل: لكلّ حسناء ذامّ.”

= العنوان: الأزمنة والأمكنة.
= المؤلف: أبو على أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني (المتوفى: 421هـ)
= ضبط وتخريج الآيات: خليل المنصور.
= دار النشر: دار الكتب العلمية.
= الطبعة: الأولى، 1417.
= عدد الصفحات: 566.
= عدد الأجزاء: 1.

عن د. محمد باباعمي

د. محمد باباعمي، باحث جزائري حاصل على دكتوراه في العقيدة ومقارنة الأديان، سنة 2003م، بموضوع: "أصول البرمجة الزمنية في الفكر الإسلامي مقارنة بالفكر الغربي"، وحصل على الماجستير في نفس التخصص سنة 1997 بموضوع: "مفهوم الزمن في القرآن الكريم"، وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في العقيدة والفكر الإسلامي، سنة 1994م، بموضوع: "مراعاة الظروف الزمنية والمكانية، والأحوال النفسية، في تفسير الآية القرآنية". صاحب الدعوى العلمية لتأسيس "علم الزمن والوقت"، بإشراك ثلة من الباحثين والأساتذة. للاطلاع على السيرة الذاتية التفصيلية: https://timescience.net/2021/11/13/%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%b9%d9%85%d9%8a-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a8%d9%86-%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%89-%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d8%b0%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%a9/

شاهد أيضاً

كتاب: علم البرمجة الزمنية

علم البرمجة الزمنية – البرنامج اليومي من خلال القرآن الكريم وحياة النبي الحكيم أدافع في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *