المقال مقتبس من كتاب أصول البرمجة الزمنية في الفكر الإسلامي، الفصل السادس.
في بحث تفريعيٍّ، يستطيع الباحث أن يعتمد القواعد التي ضبطناها من خلال السنَّة النبوية الصحيحة، ليبنيَ برنامجا يوميا للرسول ﷺ، يراعي فيه جميع الحالات، وجميع الاحتمالات. ومثل هذا العمل العلميِّ، يحتاج إلى تتبُّع نصوص السنَّة نصًّا نصًّا، والاستفادة من أيِّ جزئية ممكنة، للاستدلال على أنَّ عملا ما كان في وقت ما من اليوم… وهذا ما يمكن أن نسمِّيه بالتأريخ اليومي للسيرة النبوية، أو فقه البرمجة اليومية.
وغنيٌّ عن البيان أنَّ البحث التأصيليَّ ليس من أهدافه استيفاء الفروع، بل تبيين المنهج والأصول العامَّة، ولذا سيقتصر على ما يتوصَّل إليه من أعمال في بحر اليوم كنماذج، ليترك الاستقراء العامَّ للنصوص الحديثية في أعمال أخرى. وفي هذا المقال الحديث عن فترة ما بين الفجر والظهر.
الفترة الثالثة: من الفجر إلى الظهر
أجمعت المحاولات التراثية في البرمجة اليومية على أنَّ بداية اليوم من وقت الفجر، وكان نظرهم إلى اليوم العمليِّ. وتنقسم هذه الفترة إلى: البكور، والضحى. وبالنظر إلى القرآن الكريم، تكون الأعمال التي تخصُّ هذه الفترة إمَّا الابتغاء من فضل الله تعالى، أو المعاش، بكلِّ معانيهما، أمَّا السنَّة فتزيد هذين العملين الأساسيين بيانا وتفصيلا، وهي:
سنَّة الفجر في الدار:
من هدي الرسول ﷺ أن يصلِّي سنَّة الفجر في داره، فعن ابن عمر قال: «حفظت من النبي ﷺ عشر ركعات… وركعتين قبل صلاة الصبح… حدثتني حفصة أنـَّه كان إذا أذَّن المؤذِّن وطلع الفجر صلى ركعتين»([1]). ويناسب هذا العمل جملة من القواعد منها قاعدة الديمة، وقاعدة الموازنة بين الحقوق، وقاعدة فإذا فرغت فانصب…
وهذا الوقت قريب من وقت العورات الثلاث، له من الحرمة ما يجعل الصحابة رضوان الله عنهم لا يذهبون إلى بيت النبوَّة ولا يزورونه فيه، فيكون وقتا محميا، وخاصًّا بالله سبحانه.
صلاة الصبح جماعة في المسجد:
إنَّ صلاة الصبح هي افتتاح صلوات النهار، وبداية النشاط، ولقد ركَّزت السنَّة الطاهرة عليها جماعة في المسجد، ورويت في ذلك أحاديث كثيرة، منها حديث: «فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح. يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم ]وقرآنَ الفجرِ إنَّ قرآنَ الفجرِ كان مشهودًا[»([2]).
وشهود صلاة الصبح مع الجماعة لا تُستثنى منه النساء، فقد: «كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح في الجماعة وفي المسجد، فقيل لها: لِم تخرجين وقد تعلمين أنَّ عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني. قال: يمنعه قول رسول الله ﷺ لا تمنعوا إماء الله مساجد الله»([3]).
وحديث عائشة يدلُّ على هذا المعنى، قالت رضي الله عنها: «لقد كان رسول الله ﷺ يصلِّي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفِّعات في مروطهنَّ، ثم يرجعن إلى بيوتهنَّ ما يعرفهنَّ أحد»([4]).
الذكر والمكوث في المسجد بعد الصبح:
تقدَّم أنَّ الذكر من الأعمال التي تستغرق كامل اليوم، وزمنه من جملة الزمن الصبغة([5])، ثم إنَّ السنَّة النبوية رغَّبت في بعض الأذكار لبعض الأوقات، منها قول الرسول ﷺ: «… وإذا صلَّيت الصبح فقل قبل أن تكلِّم أحدا: اللَّهم أجرني من النار سبع مرَّات، فإنـَّك إن متَّ مِن يومك ذلك كتب الله لك جوازا من النار»([6]).
وقد أخبرنا الرسول u أنَّ للماكث في مسجده بعد الغداة ذاكرا الله إلى أن يصلِّي ركعتي الضحى أجرُ الحاجِّ المعتمر؛ حتى إنَّ بعض الصحابة تعجَّبوا من الأمر، فأكَّد الرسول هذا تأكيدا لا يترك مجالا للشكِّ، وهو بذلك يرغِّب في إدراج هذا الوقت في البرنامج اليومي للمسلم، حتى يبقى حبلُه موصولا بالله كامل اليوم، وفي كلِّ ما يأتي وما يذر بحرَ ذلك النهار. فقال ﷺ: «من صلَّى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلَّى ركعتين، كانت له كأجر حجَّة وعمرة. قال: قال رسول الله ﷺ: تامَّة، تامَّة، تامَّة»([7]).
ولا يخفى أن لا صلاة في هذا الوقت، لحديث: «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس»([8]).
البكور، البركة في الأعمال:
يعتبر حديث «بورك لأمَّتي في بكورها» المرجع للنظرية الإسلامية في تنظيم بداية العمل، سواء في ذلك العمل الذهنيُّ، أو الوظيفيُّ، أو القياديُّ، أو الجهاديُّ… فكلُّ هذه المجالات تستدلُّ بهذا الحديث، وتحيل إليه.
ولفظ الحديث عند أبي داود: «اللهمَّ بارك لأمَّتي في بكورها، وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم في أوَّل النهار، وكان صخرٌ رجلاً تاجرًا، وكان يبعث تجارته من أوَّل النهار فأثرى وكثر ماله. قال أبو داود: وهو صخر بن وداعة»([9]).
وفي حديث آخر وصف الرسول u النشاط البكوريَّ بطِيب النفس، والكسل بخبث النفس، وردَّ السبب إلى العُقَد التي يعقدها الشيطان على رأس الإنسان إذا هو نام، فبيَّن أنَّ حلَّ العُقد يكون بالذكر والوضوء والصلاة. ونصُّ الحديث عند البخاري: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد: يضرب كلَّ عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلَّت عقدة، فإن توضأ انحلَّت عقدة، فإن صلَّى انحلَّت عقدة. فأصبح نشيطا طيِّب النفس، وإلاَّ أصبح خبيث النفس كسلان»([10]).
ويصف “يوجين” – من وجهة نظر علم إدارة الوقت – الإنسانَ الذي يبدأ العمل باكرا، بما يُشبه تفسير الحديث، من جانبه الماديِّ والنفسيِّ، فيقول: «إنَّ الاستيقاظ قبل الشمس كلَّ يوم، يحتاج إلى الكثير من التنظيم، لكن هناك العديد من الفوائد: ليس هناك أيُّ مقاطعة، هناك هدوء وسكينة، ويجتاحك شعور عظيم بالسعادة، تشعر أنـَّك تعمل بجدٍّ لتحقيق أهدافك، وأنـَّك تستحقُّ كلَّ أمر جيِّد يحصل لك»([11]).
والعمل البكوريُّ ليس من سمات الفكر الغربيِّ، لأسباب يراها معقولة من وجهة نظره، وباعتبار ظروفه؛ وهي غير معقولة البتَّة بالنسبة للعالَم الإسلاميِّ. من هذه الأسباب:
- طبيعة الجوِّ الباردة في البلاد الغربية.
- – التخطيط الاقتصاديُّ: الطاقة، المواصلات، الاتصالات…
- عدم الارتباط بواجب شرعيٍّ مثل الصلاة والذكر.
- – التوجُّه نحو “حضارة الترفيه” – حسب تعبير “ديمازدييه” –([12])، والترفيه بالمفهوم الغربيِّ ليليٌّ في أغلبه([13]).
يقول زهير الحمود في هذا: «ونحن نعرف هذه القاعدة الإسلامية بخصوص وقت العمل، وأنسب الأوقات للبدء به، وهو: الصباح الباكر. منذ فجر الإسلام. ولا يطبِّقها معظمنا في أغلب الأحيان، ويعرفها علماء العمل منذ سنوات، ويحاولون تطبيقها بقصد زيادة الإنتاج»([14]).
وهذا يعني أنَّ الغرب لا يجهل قيمة البكر تماما، بل إنَّ ثمَّة محاولات للاستفادة منه، وإن كانت قليلة في مجملها، فيذكر “يوجين” أنَّ “ماري كاي” تُعتبر أوَّل شخص يخبره «عن ما تسمِّيه هي: نادي الساعة الخامسة»، يقول: «كانت إشارتها إلى هذا النادي حديثا جانبيا في ملاحظاتها عن كيفية قدرة النساء في منظَّمتها إتمام أعمالهنَّ. إنَّ العديد من موظَّفات المبيعات في شركة “ماري كاي” أمَّهات، يحتوي عملهنَّ اليوميُّ على طهي الإفطار، وتجهيز الغداء، وأخذ الأطفال إلى المدرسة. كيف ينجزن عملهنَّ في المبيعات إذا كانت هذه الواجبات تواجههنَّ من الاثنين إلى الجمعة؟ تجيب “ماري كاي”: الجواب، هو: نادي الساعة الخامسة، أبدأ اليوم في الخامسة صباحا»([15]). ومن نفس المنطلق الاقتصاديِّ يقول “ليستر”: «إنَّ الكثير من مشاكل الوقت يمكن أن تتقلَّص بواسطة بدء العمل اليوميِّ بصورة مبكِّرة» ثم يؤكِّد أنَّ العمل أبكر بنصف ساعة في الصباح قد يحقِّق أكثر مما تحقِّقه عدَّة ساعات أثناء النهار([16]).
وبتتبُّعنا للنصوص الحديثية، وللتراث الإسلاميِّ([17])، نستطيع أن نقول: إنَّ الحضارة الإسلامية بكوريـَّة، فبدون الطالب البكوريِّ، والعامل البكوريِّ، والتاجر البكوريِّ، والمرأة البكوريـَّة… سوف لن يأخذ المسلمون من اليوم إلاَّ آخره، ولا ينجزوا من العمل إلاَّ أقلَّه، ولن يملكوا زمام نهارهم؛ وسيستمرُّ تخلُّفهم إلى حين ولا شكَّ. ويصف أبو ذر رضي الله عنه هذا المعنى بتمثيل بليغ، قال فيه: «يومك جملك، إذا أخذتَ برأسه أتاك ذنَبُه»([18]).
ولا تقتصر فائدة البكور على العمل وحده، بل وحتى على الراحة، يقول بعض المتخصِّصين في علم “النوم والأرق”: «من المحتمل أن يكون الاستيقاظ المبكِّر هو الطريقة المؤكَّدة للنوم السريع في الليل. حاول أن تستيقظ في الصباح الباكر، واجتهد أن يكون ذلك روتينيا يوميا، وكلَّما جاهدت في أن تكون هذه عادة يومية ازداد اليقين بحصولك على قسط واف من النوم المريح ليلاً»([19]).
البكور، مجلس العلم:
من المؤكَّد أنَّ البكور هو الوقت المفضَّل في العهد النبويِّ لجلائل الأعمال، فتُظهر الأحاديث النبوية الشريفة مدى حرص النبي ﷺ على تعليم الصحابة أمور دينهم بعد صلاة الصبح، وبتتبُّعها نستخرج عيِّنات منها، ونذكر للتمثيل:
– حديثَ زيد بن خالد الجهني أنـَّه قال: «صلَّى لنا رسول الله ﷺ صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليلة، فلمَّا انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربـُّكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأمَّا من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأمَّا من قال: بِنَوْءِ كذا وكذا، فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب»([20]).
– وفي حديث آخر قال رسول الله ﷺ لبلال عند صلاة الفجر: «يا بلال، حدِّثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام، فإني سمعت الليلة خشفة([21]) نعليك بن يدي الجنة. فقال: ما عمل عملته أرجى عندي أني لم أطهُر طهورا تامًّا في ساعة من ليل أو نهار إلاَّ صليت لربي، ما قدِّر لي أن أصلِّي»([22])
ويوجِّه عبد الله بن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنهما حديث “بورك لأمَّتي” إلى طلب العلم، فعن نافع قال: «سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن قول النبي ﷺ اللهمَّ بارك لأمَّتي في بكورها، فقال: في طلب العلم، والصفِّ الأول»([23]).
تذكر المصادر أنَّ «أوَّل من جمع الأولاد في المكتب عمر بن الخطاب، وأمر عامر بن عبد الله الخزاعي أن يلازمهم [الصبيان] للتعليم، وجعل رزقه من بيت المال (…) فأمر المعلِّم بالجلوس بعد صلاة الصبح إلى الضحى العالي»([24]). ولقد دأبت الكتاتيب والمدارس القرآنية على التعليم في هذا الوقت، حتى صار ذلك بمثابة السنَّة المتـَّبعة.
ويقرِّر العلماء المعاصرون أنَّ الصباح الباكر بعد الاستيقاظ «هو الوقت الأمثل للمدارسة والعلم، فالطاقة والروح العملية يكونان في أعلى مستوياتهما، باسثناء حال النوم المتأخِّر من الليل، أو الأرق، أو المرض»([25]). وتذكر إحدى الدراسات في مجال علم العمل «أنَّ استعداد الإنسان للعمل بنشاط وجدية هو استعداد موقوت، وأنَّ سعة هذا الاستعداد على مدى اليوم والليلة تتكرَّر بشكل منتظم، بالإضافة إلى ذلك فإنَّ سرعة هذا الاستعداد، أي سرعة تحضير النفس والعقل والجسم للعمل، هي أكبر ما تكون في الصباح الباكر»([26]).
وأمَّا ما استجدَّ في العالَمين الغربي ثم الإسلاميِّ من مدارس رسمية، وجامعات، ومراكز للتمهين… فإنـَّه خاضع للمنهج الغربيِّ قلبا وقالبا، فعوض أن يؤخذ منه الحسن، ويترك ما لا يلائم طبيعة المجتمع المسلم، إلاَّ أنـَّه نُقل كصورة فوتوغرافية باهتة، ولعلَّ أبرز نموذج لذلك ما يتعلّق بعدد ساعات التدريس، ووقت البدء، ووقت الانتهاء: أي البرنامج اليوميّ كلّه.
إنَّ الإجابة على إشكال التبعية الزمنية للغرب، ستسهم في الإجابة على سؤال عميق، طرحه المفكِّر “علي عزت بيجوفيتش” وهو: «هل للإسلام دور في تشكيل العالَم الحاضر؟»([27]).
البكور، تدبير شؤون الأمَّة والنبوَّة:
أَحصيت العديد من الأحاديث التي تفيد أنَّ الرسول ﷺ كنبيٍّ وكقائد كثيرا ما اشتغل بأمر المسلمين بعد صلاة الصبح، ومن جملتها حديث رواه البخاري، نصُّه:
«بُعث أبو عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله ﷺ هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه فوافقت صلاة الصبح مع رسول الله ﷺ. فلمَّا انصرف تعرَّضوا له فتبسَّم رسول
الله ﷺ حين رآهم، وقال: أظنُّكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة، وأنـَّه جاء بشيء؟ قالوا: أجل يارسول الله. قال: فأبشروا، وأمِّلوا ما يسرُّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم»([28]).
وفي الفترة المكيَّة قبل ذلك، كان الرسول ﷺ يترقَّب الهجرة، ويخطِّط لها، منتظرا إذنَ ربـِّه له، فكانت دار أبي بكر مكانه المفضَّل للتدبير والتحضير، كما كان البكور والعشيُّ وقتَه الذي يداوم فيه على ارتياد دار أبي بكر. يقول ابن هشام: قالت عائشة أمُّ المؤمنين: «كان لا يخطئ رسول ﷺ أن يأتي بيت أبي بكر طرفي النهار، إمَّا بُكرة، وإمَّا عشية. حتى إذا كان ذلك اليوم الذي أذن الله فيه لرسول الله ﷺ في الهجرة والخروج من مكَّة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله ﷺ بالهاجرة، في ساعة كان لا يأتي فيها. قال: فلمَّا رآه أبو بكر قال: ما جاء رسول الله ﷺ هذه الساعة إلاَّ لأمر حدث…»([29]).
أوَّل النهار، الخروج إلى الجهاد أو التجارة:
من أنواع الوظائف التي مارسها الرسول u: الجهاد، بكلِّ ما يحمل من معاني الاستعداد الروحيِّ، والنفسيِّ، والجسمانيِّ.. وما يستدعيه من تخصيص الوقت. غير أنَّ هذا الوظيف غائب من برامج المحاولات التراثية، وهو من وجهة نظر معاصرة يمثِّل عمل الجنديِّ، والقائد العسكريِّ، ورجل الأمن…
ففي حديث صخر الغامديِّ أنَّ النبيء ﷺ كان يقول: «اللهمَّ بارك لأمَّتي في بكورها»، ومن الوجهة التطبيقية العملية: «كان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم في أوَّل النهار».
هذا عن الجهاد بمعنى القتال، أمَّا الجهاد بمعنى السعي لكسب الرزق، ونفع الخلق، فيذكر صخر الغامديُّ أنَّ صخر بن وداعة «كان رجلا تاجرا، وكان يبعث تجارته من أوَّل النهار، فأثرى، وكثر ماله»([30]). يقول أبو الحاج تحت فصل “تصرُّف الناس في أسبابهم وصنائعم ومعاشهم”: «وينبغي له [أي التاجر] أن يكون سفره غدوة النهار. لقوله ﷺ: «اللهمَّ بارك لأمَّتي في بكورها»»([31]).
ومن أبرز المفاهيم المرتبطة بهذا الوقت، أي ما بين الفجر إلى الظهر، مفهوم العمل أو الوظيف، وهو كذلك مرتبط بمفهوم العبادة؛ ولكنَّ الإمام الغزالي وهو يوزِّع أوراد الصباح، يذكر أنَّ على المسلم أن «يقتصر من الكسب على قدر حاجته ليومه، مهما قدر على أن يكتسب في كلِّ يوم لقوته»([32])، بل يصِّرح أنـَّه «إذا حصل كفاية يومه، فليرجع إلى بيت ربـِّه، وليتزوَّد لآخرته»([33]).
فهل يصدق هذا الطرح على المسلم المعاصر؟
وهل الإسلام ينظر إلى العبادة هذه النظرة الأُحادية؟
وهل من يجتهد في وظيفه واسترزاقه لا يعتبر عابدا، ولا يعدُّ متزوِّدا لآخرته؟
هذه أسئلة تندرج ضمن النظرة العامَّة للإسلام، وقد ترتَّب عن الإجابة عنها تباينٌ في مواقف الحركات الإسلامية، المتأرجحة بين الأكثر روحية والأكثر مادية. فنشأت عبر التاريخ حركات التصوُّف، ولا تزال؛ ونشأت الحركات الماديـَّة المغالية، ولا تزال.
ولكنَّ قراءة متأنية لبرنامج الرسول ﷺ اليوميِّ، دون توجيه مسبق، كفيلة بتوسيع نظرتنا إلى مفهومي العبادة والعمل في الفكر الإسلاميِّ، ورفض المحاولات المتكرِّرة لإحداث أزمنة مهيمنة، على حساب الزمن الصبغة، الذي يمثِّل روح الفكر الإسلاميِّ وعمقه في بعده الزمنيِّ. فمن وجهة نظر الإسلام يلخِّص مالك بن نبي هذا المعنى بقوله: «إعطاء ثلاثة حروف من الأبجدية عمل، وتقبُّل هذه الحروف عمل، وإزالة أذى عن الطريق عمل، وإسداء نصح عن النظافة أو الجمال عمل، وغرس شجرة هنا عمل، واستغلال أوقات فراغنا في مساعدة الآخرين عمل، وهكذا([34])… فنحن نعمل ما دمنا نعطي أو نأخذ بصورة تؤثِّر في التاريخ»([35]).
وفي الحديث قال رسول الله ﷺ: «تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة»([36])
ومع زحمة النقاش العالميِّ حول عدد ساعات العمل، يبقى رأي الفكر الإسلاميِّ المؤسَّس على أبحاث تأصيلية، وعلى دراسات ميدانية، غائبا تماما، وغير مؤثِّر، رغم أنـَّه سيحمل الكثير من الحلول الجيدة، ووجهات نظر جديدة.
فهل الفكر الإسلامي يتبنَّى نظام ساعات العمل الثابتة، أم المتواصلة، أم المرنة؟
أم أنـَّه يقترح نظاما مغايراً للنظم الغربية؛ وملائما لطبيعة المسلم، وبعده الثقافي، والفكريِّ، والحضاريِّ، بل وحتى البيئيِّ…؟
كم هو عدد ساعات العمل في الأسبوع؟
وما هي أيام العمل؟ وأيام العطل؟…
كلُّ هذه الأسئلة([37]) تحتاج إلى تخصُّص وتعمُّق في البحث، وينبغي أن لا يقع اختلال وخلل بين واجبات المسلم الدينيـَّة ومتطلََّباته الوظيفيَّة، وإلاَّ فإنَّ الحضارة لا تقوم إلاَّ على أساس من التناغم والإيقاع المتَّزن، وعدم التناقض والاضطراب.
الرسول ﷺ يبرمج مراحل قتاله في النهار:
في نصٍّ جامع عرض الإمام ابن حجر البرنامج اليوميَّ لمعارك الرسول ﷺ، وكيف كانت الصلاة المحورَ الذي يدور حوله المخطَّط اليوميُّ للقتال، يقول: «باب كان النبي ﷺ إذا لم يقاتل أوَّل النهار أخَّر القتال حتى تزول الشمس:
كان إذا طلع الفجر أمسك حتى تطلع الشمس،
فإذا طلعت قاتل،
فإذا انتصف النهار أمسك، حتى تزول الشمس،
فإذا زالت الشمس قاتل،
فإذا دخل وقتُ العصر أمسك، حتى يصلِّيها ثم يقاتل،
وكان يقال عند ذلك تهيج رياح النصر ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلاتهم»([38]).
نقرأ من خلال هذا النصِّ معنى حضاريا وهو: أنَّ الرسول ﷺ كان هو الذي يحدِّد وقت المعركة، ويوجِّه برنامجها اليوميَّ([39])، كما أنـَّه u هو الذي يحدِّد مكان المعركة([40]). وهذا يدلُّ على مفهوم عالٍ من التقنية الحربية، والتحكُّم في مجريات الأحداث.
فمن وجهة نظر الدراسات الزمنية، وبتوسيع مفاهيم الحرب والسلم، والجهاد والقتال، والانتصار والانهزام… يذكر المحلِّلون أنَّ «الدول الأسرع تطوُّرا والأقوى، تنتهي بفرض نموذجها الزمنيِّ على غيرها… فإخضاع الآخرين لزمنك يعدُّ شكلا مميَّزا من التسلُّط»([41])، ويمكننا بالتالي أن نتحدَّث عن حرب البرمجة الزمنية (اليومية)، وعن المعارك الزمنية، وعن الجهاد لأجل تحرير البرنامج الزمني، وعن استقلال البرنامج الزمني… وعن غيرها من المصطلحات التي تنبثق من هذا الطرح الحضاريِّ-الزمنيِّ.
ما يؤكل في الصباح:
البحث بمادة الفُطور في الحديث النبوي الشريف ينصرف إلى طعام الإفطار من الصوم، ولا اعتبار لطعام الصباح في العهد النبويِّ كوجبة يوميَّة دائمة، وفي الفقه: المعمولُ به في الكفَّارات، هو الاقتصار على المعتادِ، و«المعتاد أكلتان الغَداء والعَشاء»([42])، «وهو قول عامَّة العلماء»([43]). يقول السرخسي: «ومعنى التخفيف [في الصوم] أنَّ المعتاد في الناس أكلتان: الغَداء والعَشاء، فكان التقرُّب بالصوم في الابتداء بترك الغَداء والاكتفاء بأُكلة واحدة وهي العَشاء، ثم إنَّ الله تعالى أبقى لهذه الأمَّة الأكلتين جميعا, وجعل معنى التقرُّب في تقديم الغَداء عن وقته، كما أشار إليه رسول الله ﷺ في السُّحور، إنـَّه الغِذاء المبارك»([44]).
وقد تسمَّى أُكلة الصباح غدَاء في الفقه، ذلك أنَّ «الغداء: الأكلُ من طلوع الفجر إلى الظهر، والعَشاء: من صلاة الظهر إلى نصف الليل، والسُّحور: من نصف الليل إلى طلوع الفجر»([45]).
ونستفيد من جملة من الأحاديث أنَّ الأكل في الصباح لا يأخذ وقتا معيَّنا، ولا يداوَم عليه، إلاَّ ما كان للصائم من استحباب السُّحور قبل الفجر([46])، وفي غير ذلك يقتصر على تمرات. فعن الرسول ﷺ: «من تصبَّح كلَّ يوم سبع تمرات عجوة لم يضرَّه في ذلك اليوم سمٌّ ولا سحر»([47]). ولا يمكن أن يعمَّم هذا الحديث على كلِّ مناطق العالَم، الباردة منها والساخنة، والتي فيها التمر
– وهي قليل – والتي ليس فيها.
ولا نعرف تاريخ ثبوت الفُطور في الصباح كوجبة قارَّة في العالَم الإسلاميِّ، ولعلَّ النظر يدلُّ على أنَّ المستعمِر هو الذي حمل معه هذه العادة، ورسخت لدى المسلمين من طريقه، حتى صارت جزءا لا يتجزَّأ من البرنامج اليوميِّ للمسلم المعاصر.
صلاة الضحى:
سئلت أمُّ المؤمنين عن عادة الرسول ﷺ في صلاة الضحى، هل يداوم عليها؟ وكم عدد الركعات التي يصلِّيها؟
فعن السؤال الأوَّل نقرأ حديث عبد الله بن شقيق قال: «قلت لعائشة، أكان النبي ﷺ يصلِّي الضحى؟» أي: هل كان يداوم على صلاة الضحى؟. «قالت: لا، إلاَّ أن يجيء من مغيبه»([48]).
وعن السؤال الثاني نقرأ حديث معاذة أنـَّها سألت عائشة رضي الله عنها: «كم كان رسول الله ﷺ يصلي صلاة الضحى؟ قالت: أربع ركعات ويزيد ما شاء»([49]).
وفي الحديث أنَّ على المسلم أن يُخرج صباح كلِّ يوم على كلِّ مفصل من مفاصله صدقة، أداء لحقِّ الله تعالى، ولحقِّ نفسه عليه؛ فإذا هو صلَّى الضحى أجزأ عن باقي الأعمال، ونصُّه عند مسلم: «يُصبح على كلِّ سُلامى([50]) من أحدكم صدقة، فكلُّ تسبيحة صدقة، وكلُّ تحميدة صدقة، وكلُّ تهليلة صدقة، وكلُّ تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى»([51]).
ولا تناقض بين الصلاة والوظيف، إذا رأى المنظِّر إليهما على أساس التكامل، وبترتيب الأولويات، دون الإضرار بالحقوق والواجبات، ولا يشترط المداومة عليها، بل «يستطيع المعلِّم والمعلِّمة صلاتها في حصص الفراغ، أو في الفسح، وكذلك الموظَّف إذا لم يؤثِّر ذلك على عمله، أمَّا من كانت في بيتها فلتهنأ بالإقبال على الله عزَّ وجلَّ»([52])، وهي حرَّة في صلاتها للضحى ولغيرها في أيِّ وقت شاءت، شريطة أن تلتزم بواجباتها الزوجية والعائلية والاجتماعية.
ويستطيع علماء العمل أن يدرجوا صلاة الضحى داخل الإطار العامِّ للإنتاج، إذ «خلافا لِما كان يعتقد، فإنَّ ساعات العمل الطويلة والمتواصلة لا تزيد في كمية الإنتاج، بل قد تكون سببا في نقصانه، الأمر الذي جعل المؤسَّسات المعاصرة تسعى جاهدة لوضع فترات راحة مناسبة، تتخلَّل مدَّة العمل اليوميِّ»([53]). وهذا المنحى مناسب لقاعدتي التسديد والمقاربة، و“إذا فرغت فانصب”، في الفكر الإسلاميِّ، وموافق لاعتبار الصلاة من جملة الراحة؛ وهو مناسب لتطبيقات الفروق بين الكفاءة والفعالية، في علم الإدارة.
أعمال البرِّ في الصباح:
عدَّ الغزالي من أوراد الضحى: «الخيرات المتعلِّقة بالناس، التي جرت بها العادات بكرة، من عيادة مريض، وتشييع جنازة([54])، ومعاونة على برٍّ وتقوى، وحضور مجلس علم»([55]).
قال ابن القيم: «ولم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام أن يخصَّ يوما من الأيام بعيادة المريض، ولا وقتا من الأوقات، بل شرع لأمَّته عيادة المرضى ليلا ونهارا، وفي سائر الأوقات»([56])، واستشهد بحديث ورد في مسند الإمام أحمد نصُّه: «ما من مسلم يعود مسلما إلاَّ ابتعث الله سبعين ألف ملك يصلُّون عليه، أيّ ساعة من النهار كانت حتى يمسي، وأيّ ساعة من الليل كانت حتى يصبح»([57]).
ويبقى على الدارس أن يتتبَّع الأحاديث، ليعرف أيَّ أعمال البرِّ مؤقَّتة بوقت معيَّن، وأيـَّها غير مخصوص بوقت، وما هي درجة التخصيص وحدُّه. فمثل هذا العمل – لو أنجز – سيُفيد الباحث في البرمجة الزمنية عموما، واليومية بالخصوص.
الغداء:
في اصطلاح الفقهاء: «الغداء ما كان قبل الزوال, والعشاء بعده إلى نصف الليل»([58]).
وفي الحديث أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه قال: «أقبلتُ مع رسول الله ﷺ، فسمع رجلا يقرأ ]قل هو الله أحد…[ فقال رسول الله ﷺ: وجَبَتْ. فسألته: ماذا يا رسول الله؟ قال: الجنَّة. قال أبو هريرة: فأردت أن أذهب إلى الرجل فأبشِّره. ثم فرقتُ أن يفوتني الغَداء مع رسول الله ﷺ، فآثرت الغَداء، ثم ذهبت إلى الرجل فوجدته قد ذهب»([59]).
وفي حديث آخر عن أبي أمية الضمري قال: «قدمتُ على رسول الله ﷺ من سفر، فسلَّمت عليه، فلمَّا ذهبت لأخرج قال: انتظر الغداء يا أبا أمية، قال: فقلت إني صائم يا نبي الله، فقال: تعال أخبرك عن المسافر، إنَّ الله وضع عنه الصيام، ونصف الصلاة»([60]).
والظاهر أنَّ وجبة الغَداء في العهد النبويِّ كانت قبل الظهر، وليس بعدها كما هو الحال في الكثير من البلاد الإسلامية اليوم.
نافلة قبل صلاة الظهر:
ركعتان – أو أربع ركعات – قبل الظهر من النوافل التي داوم عليها نبي الله محمد ﷺ، ومن الصلوات التي تندرج في برنامجه اليوميِّ، وهما آخر أعمال الفترة الصباحية، التي بدئت بالصلاة وتختم بالصلاة؛ وهكذا كلُّ مراحل اليوم لا تقع إلاَّ بين صلاتين، إن لم تكن فرضا كانت سنَّة ونافلة. مع الملاحظة أنَّ الصلاة لا تشغل وقتا كبيرا، وأنَّ أطول مدَّة بين فرض وفرض هي المدَّة الصباحية الواقعة بين الصبح والظهر، وذلك لتسهِّل على الناس أمر الابتغاء من فضل الله بالاسترزاق والكسب، وبالعمل والجهاد والاجتهاد.
والشاهد على الركعتين قبل الظهر حديث ابن عمر: «حفظت من النبي ﷺ عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر…»([61]). وحديث عائشة رضي الله عنها: «كان يصلِّي في بيتي قبل الظهر أربعا ثم يخرج، فيصلِّي بالناس…» ([62]).
بعد هذا العرض، يجمل بنا أن نجمع الأعمال التي كان رسول الله ﷺ يأتيها غالبا في جدول، يكون كالآتي:
صلاة الفجر جماعة | |||
الفجر | البكور: البركة في العمل | الضحى | الطعام |
سنَّة الفجر في الدار، الذكر والمكوث في المسجد بعد الصبح | مجلس العلم، تدبير شؤون الأمة والنبوَّة، الخروج إلى الجهاد والتجارة، برنامج القتال في النهار | صلاة الضحى، جملة من أعمال البرِّ، نافلة قبل الظهر | تمرات في الصباح الغَداء |
يكره النوم في البكر وفي الضحى |
أعمال ما بين الفجر والظهر في السنَّة النبوية
هذه الفترة هي أوسع مرحلة لأعمال البرِّ، ويميِّزها في الفكر الإسلاميِّ البكور، الذي بارك الله تعالى فيه، وأبرز ما فيها الانتقال من عمل إلى آخر، حتى إنـَّنا لنحار من أعمال البرِّ التي يأتيها الرسول ﷺ فيه، بحيث لو أنَّ أيَّ مسلم نظر إليه من نافذته لوجده الأوَّل فيها، فالعابد يرى في برنامج الرسول ﷺ التعبُّدي نموذجا كاملا، وكذلك العالِم، والمجاهد، والموظَّف… فيمكننا أن نصف برنامج الرسول ﷺ بالإعجاز الشموليِّ، ونتحدَّث عن نوع جديد من الإعجاز هو: الإعجاز في البرنامج اليوميِّ، وفي الإيقاع، والقدرة على إنجاز الكثير من الأعمال في الفترة الوجيزة. فالرسول ﷺ إذن هو الإنسان النموذج، والقدوة، وهو الإنسان الكونيُّ.
ويلاحظ حضور جلِّ قواعد البرمجة: المداومة، والتسديد والمقاربة، والموازنة بين الحقوق… بحيث يخطئ من يحصر عمل الرسول u في مجال دون آخر، أو وظيف دون آخر. أو يلغي حقاًّ من الحقوق لحساب آخر.
[1] – تقدَّم تخريجه، ص333.
[2] – رواه البخاري؛ كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى إنَّ قرآن الفجر كان مشهودا؛ ج4/رقم 1748، رقم 4440؛ بسند: «حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة وابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: فضل…».
[3] – رواه البخاري؛ كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل؛ ج1/ص305، رقم 858؛ بسند: «حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال: كانت…».
[4] – رواه الربيع؛ باب في أوقات الصلاة؛ ج1/ص79، رقم 181. ورواه البخاري؛ كتاب الصلاة، باب في كم تصلِّي المرأة في الثياب، واللفظ له؛ ج1/ص146؛ رقم 365؛ بسند: «حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة أن عائشة قالت:…».
[5] – انظر أعلاه- ص94.
[6] – رواه ابن حبان، تقدَّم تخريجه.
[7] – رواه الترمذي؛ كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحبُّ من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس؛ ج2/ص481، رقم 535؛ بسند: «حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي البصري حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا أبو ظلال عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ﷺ:…». قال أبو عيسى: «هذا حديث حسن غريب». وقال الألباني: «حديث حسن».
[8] – رواه البخاري؛ كتاب مواقيت الصلاة، باب لا تتحرَّى الصلاة قبل غروب الشمس؛ ج1/ص212، رقم 561؛ بسند: «حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن بن شهاب قال أخبرني عطاء بن يزيد الجندعي أنـَّه سمع أبا سعيد الخدري يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول:…».
[9] – رواه أبو داود؛ كتاب الجهاد، باب في الابتكار في السفر؛ ج3/ص35، رقم 2606؛ بسند: «حدثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم ثنا يعلي بن عطاء ثنا عمارة بن حديد عن صخر الغامدي عن النبي ﷺ قال…» قال الألباني: «صحيح».
ورواه الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في التبكير بالتجارة؛ ج3/ص517، رقم 21066؛ بسند: «حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا هشيم حدثنا يعلى بن عطاء عن عمارة بن جديد عن صخر الغامدي قال: اللهم». قال أبو عيسى: «وفي الباب عن علي وابن مسعود وبريدة وأنس وابن عمر وابن عباس وجابر. قال: حديث صخر الغامدي حديث حسن».
قال الحافظ ابن حجر، في فتح الباري، ج6/ص114: «وحديث “بورك لأمتي في بكورها” أخرجه أصحاب السنن وصحَّحه بن حبان، من حديث صخر الغامدي بالغين المعجمة، وقد اعتنى بعض الحفاظ بجمع طرقه فبلغ عدد من جاء عنه من الصحابة نحو العشرين نفسا».
[10] – رواه الربيع؛ باب جامع الوضوء؛ ج1/ص63، رقم 130. ورواه البخاري؛ كتاب الجمعة، باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصلِّ الليل، واللفظ له؛ ج1/ص383، رقم 1091؛ بسند: «حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: يعقد…»
[11] – جريسمان: فن إدارة الوقت؛ ص110.
[12] – Dumazedier: Vers une civilisation du loisir
[13] – انظر- نفس المرجع بعنوان :
Les fonctions du loisir et la participation au cinéma, pp145-154
Télévision et loisir, pp155-177
[14] – الحمود: الوقت والعمل، مجلة راية مؤتة؛ ص189.
[15] – جريسمان: فن إدارة الوقت؛ ص109-110.
[16] – ليستر: إدارة الوقت، المرشد الكامل للمديرين؛ ص69.
[17] – انظر مثلا- أبو غدة: قيمة الزمن عند العلماء. اليبرودي: قيمة الوقت في التربية الإسلامية…
[18] – رضا علوي: كيف تستثمر أوقاتك؛ ص258.
[19] – الشربيني: الأرق وهم له علاج؛ ص62-63.
[20] – رواه الربيع؛ باب في ذكر الشرك والكفر؛ ج1/ص44، رقم 62. ورواه البخاري؛ كتاب الأذان، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلَّم؛ واللفظ له؛ ج1/ص290، رقم 811؛ بسند: «حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني…».
[21] – في لسان العرب: «الخشف و الخشْفَة والخشَفَة: الحركة والحسُّ، وقيل: الحسُّ الخفي» ج9/ص71.
[22] – رواه ابن حبان، ج15/ص560، رقم 7085. وقال شعيب الأرناؤوط: «صحيح على شرط البخاري ومسلم». رقم 74227. بسند: «أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال قلت لأبي أسامة أحدثكم أبو حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال…»
[23] – أبو سعد، عبد الكريم بن محمد بن منصور: التميمي السمعاني (ت. 562هـ/1166م): أدب الإملاء والاستملاء؛ مر. ماكس فايسفايلر؛ دار الكتب العلمية، بيروت؛ 1401هـ/1981م؛ ص108.. رقم 317. بسند: «أخبرنا أبو عامر سعد ابن علي الرزاز بجرجان أنا أبو الغيث المغيرة بن محمد بن المغيرة الثقفي أنا أبو القاسم حمزة بن يوسف الحافظ أنا علي بن العباس البرداني ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن جعفر العسكري بالبردان ثنا يوسف بن أحمد بن الحكم البصري ثنا عبد الله ابن مسلمة ثنا مالك بن أنس عن نافع…».
[24] – النفراوي: الفواكه الدواني؛ ص30. اطفيش: شرح النيل؛ ج10/ص42. وانظر- اليبرودي: قيمة الوقت؛ ص58-59.
[25] – Patrick de Sainte-Lorette et Jo Marzé : Comment développer sa mémoire, col. Etudiantm ed. El-Chihab, Alger, 1995.p5
[26] – الحمود: الوقت والعمل، مجلة راية مؤتة؛ ص189.
[27] – بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب؛ ص27.
[28] – رواه البخاري؛ كتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها؛ ج5/ص2361، رقم 6061؛ بسند: «حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن موسى بن عقبة قال بن شهاب حدثني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة أخبره أن عمرو بن عوف وهو حليف لبني عامر بن لؤي كان شهد بدرا مع رسول الله ﷺ أخبره أن رسول الله ﷺ بعث…»
[29] – ابن هشام، أبو محمد عبد الملك (ت. 218هـ/833م): سيرة ابن هشام؛ مر. محمد محي الدين عبد الحميد؛ دار الفكر، بيروت؛ د.ت.ن.؛ ج2/ص97.
[30] – تقدَّم تخريجه، انظر أعلاه ص354.
[31] – أبو الحاج: المدخل؛ ج4/ص45.
[32] – الغزالي: إحياء علوم الدين؛ ص401.
[33] – نفسه.
[34] – لكلِّ هذه النماذج التي ذكرها مالك بن نبي، شواهد من القرآن الكريم، ومن السنَّة النبوية.
[35] – مالك بن نبي: شروط النهضة؛ ص107-108.
[36] – رواه الترمذي؛ كتاب البر والصلة، باب ما جاء في صنائع المعروف؛ ج4/ص339، رقم 1879؛ بسند: «حدثنا عباس بن عبد العظيم العنبري، حدثنا النضر بن محمد الجرشي اليمامي، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا أبو زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ…» قال أبو عيسى: «هذا حديث حسن غريب».
[37] – مثل هذه الأسئلة طرحت في الغرب بشدَّة، منذ عقود، وهي تُسيل حتى اليوم الحبر الكثير، وشبكة الأنترنات أكبر دليل، فالبحث فيها مثلا بمدخل: 35 ساعة، يأخذ إلى المئات من المقالات، والأبحاث، والقوانين ، والمواقع، والحوارات… الخ.
انظر- بيبليوغرافيات نقلها الباحث من مواقع أنترنات عديدة، مطبوعة بحوزته، ومن هذه المواقع:
alapage.com/amazon.com/britanica.com
وانظر- مقالات في العالم الدبلوماسي حول هذا الموضوع، منها:
Beaud, Michel: Quel sacrifices pour le temps libéré? Le Monde diplomatique (Octobre 1997) p29
Alain Bihr: Partager les richesses, ou partager la misère? Le Monde diplomatique (juillet 1993) p5….
وانظر كذلك
Cette, Gilbert et Taddei, Dominique: Réduire la durée du travail, De la théorie a la pratique, col. Inédit, ed. livre de poche, No 54, 1997.
[38] – ابن حجر: فتح الباري، ج6/ص121.
[39] – يعضد هذا المعنى، أنه في يوم الأحزاب، شُغل المسلمون عن الصلاة الوسطى، وصلُّوها بعد وقتها، فنبَّه الرسول ﷺ إلى هذا الخلل في البرنامج اليوميِّ، وإلى خطورة التبعية الزمنية، وكان ذلك بصيغة دعاء، فقال: «ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، شغلونا عن الصلاة الوسطى، حتى غابت الشمس». رواه البخاري؛ كتاب الجهاد والسير، باب من صف أصحابه ثم الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر؛ ج3/ص1071. رقم 2773. بسند: «حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى حدثنا هشام عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله عنه قال: لما كان يوم الأحزاب قال رسول الله ﷺ…».
[40] – كما كان الحال في غزوة أحد الكبرى، وفي غزوة الخندق… وغيرهما.
[41] – Sue: Temps et ordre social, p20
[42] – المطرزي: المغرب؛ ص27.
[43] – الكاساني: بدائع الصنائع؛ ج5/ص102. وانظر- البخاري: كشف الأسرار؛ ج2/ص217. اطفيش: شرح النيل؛ ج4/ص371، 407. جماعة العلماء: الفتاوى الهندية؛ ج3/ص63.
[44] – السرخسي: المبسوط؛ ج3/ص54.
[45] – المطرزي: نفس المرجع؛ ص337.
[46] – انظر- الشافعي: الأم؛ ج2/ص105. اطفيش: شرح النيل؛ ج3/ص429…
[47] -رواه البخاري؛ كتاب الإطعمة، باب العجوة؛ ج5/ص2075، رقم 5130؛ بسند: «حدثنا جمعة بن عبد الله حدثنا مروان أخبرنا هاشم بن هاشم أخبرنا عامر بن سعد عن أبيه قال قال رسول الله ﷺ…». وانظر في تفسير العجوة، وفي تخصيص الحديث وتعميمه، ابن حجر: فتح الباري؛ ج10/ص239.
[48] – رواه مسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقصرها؛ باب استحباب صلاة الضحى وأنَّ أقلَّها ركعتان؛ ج1/ص497، رقم 717؛ بسند: «وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا كهمس بن الحسن القيسي عن عبد الله بن شقيق قال:…».
[49] – رواه مسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقصرها؛ باب استحباب صلاة الضحى وأنَّ أقلَّها ركعتان؛ ج1/ص497، رقم 719؛ بسند: «حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا عبد الوارث حدثنا يزيد يعني الرشك حدثتني معاذة…».
[50] – «السُّلامى: عِظامٌ صِغارٌ علـى طول الإِصبع أَو قريب منها» ابن منظور: لسان العرب؛ ج12/ص298.
[51] – رواه مسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقصرها؛ باب استحباب صلاة الضحى وأنَّ أقلَّها ركعتان؛ ج1/ص498، رقم 720؛ بسند: «حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا مهدي وهو بن ميمون حدثنا واصل مولى أبي عيينة عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلي عن أبي ذر عن النبي ﷺ أنه قال…».
[52] – القاسم، عبد الملك بن محمد: ماذا تفعل في 10 دقائق؛ دار القاسم للنشر، الرياض، السعودية؛ 1419هـ. ص11 (بتصرف).
[53] – بوظريفة: الساعة البيولوجية؛ ص14.
[54] – انظر أوقات صلاة الجنازة، وبخاصة بعد الصبح وبعد العصر، في المصادر الفقهية الآتية- مالك: المدونة؛ ج1/ص264. الشافعي: الأم؛ ج1/ص174. السرخسي: المبسوط؛ ج1/ص152. اطفيش: شرح النيل؛ ج2/ص21
[55] – إحياء علوم الدين؛ ص400-401.
[56] – زاد المعاد، ج1/ص497.
[57] – الإمام أحمد، المسند؛ ج1/ص118. رقم 40282. بسند: «حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء قال عفان قال أنبأنا يعلى بن عطاء عن عبد الله بن يسار عن عمرو بن حريث أنـَّه عاد حسنا وعنده على فقال علي فقال:…» .
[58] – السفاريني، أبو العون شمس الدين محمد بن أحمد بن سالم السفاريني (ت. 1188هـ/1774م): غذاء الألباب؛ طبعة جامع الفقه، شركة حرف، الإمارات العربية المتحدة؛ 1999م؛ ج2/ص87.
[59] – رواه الحاكم في المستدرك، 1/ص754، رقم 2079؛ بسند: «أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر المروزي ثنا أحمد بن عيسى القاضي ثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد بن جبير مولى آل زيد بن الخطاب أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول:…». وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
[60] – رواه الدارمي، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن (ت. 255هـ/869م): سنن الدارمي؛ تح. فواز أحمد زمرلي, خالد السبع العلمي؛ دار الكتاب العربي، بيروت؛ 1417هـ/1987م. ج2/ص17، رقم 1712. بسند: «حدثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن أبي أمية الضمري قال:…». ورواه النسائي؛ كتاب الصيام، باب ذكر وضع الصيام عن المسافر…؛ ج4/ص178، رقم 2267؛ بسند: « أخبرني عبدة بن عبد الرحيم عن محمد بن شعيب قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة قال أخبرني عمرو بن أمية الضمري قال قدمت على رسول الله ﷺ من سفر» قال الألباني: «صحيح الإسناد».
[61] – تقدَّم تخريجه، ص333.
[62] – تقدَّم تخريجه، ص334.