علم إدارة الوقت

علم إدارة الوقت

بعد بحث في مختلف المكتبات، وتصفُّح للعديد من البحوث والدراسات التي لها مدخل زمنيٌّ، قيَّدتُ جملة من العلوم، مـمَّا له صلة وثيقة بالبرمجة الزمنية، إمَّا في طبيعة مادَّتها، أو في منهجها، وقد صنفتها في لائحة استبعدت منها ما يعالج جوانب من الزمن غير الزمن الإنسانيِّ، مثل: الزمن الميتافيزيقي، والرياضي، والفزيائي… أو ما يعالج الزمن الإنسانيَّ من مداخل بعيدة عن البرمجة الزمنية.

ومن هذه العلوم:

  • علم إدارة الوقت.
  • علم اجتماع الفراغ.
  • الترويح (التربية الترويحية).
  • ميزانية الوقت.
  • دراسات النوم والأرق.
  • علم “الساعة البيولوجية”.

علم إدارة الوقت:

أكاد أجزم أنَّ علم إدارة الوقت “Time management“، هو أكثر العلوم ارتباطا وقربا من البرمجة الزمنية، بل إنًَّ البرمجة الزمنية وُلدت من رحِمه، وهي جزء منه في المنطلق، فهما يتَّفقان في جملة من المحاور والنقاط، ويتباينان في محاور ونقاط أخرى.

وعلم إدارة الوقت حديث النشأة، يعود أساساً إلى أعمال “فريديرك تايلور” (ت. 1911م) وذلك من خلال اهتمامه بدراسة الحركة والزمن “Time and motion study([1]) والذي تحوَّل بعد ذلك إلى علم دراسة العمل “Work study([2]). ثمَّ برز كعلم مستقلٍّ شيئا فشيئا، حتى أصبح من أبرز خصائص التطوُّر التكنولوجي المعاصر.

أمَّا في العالَم العربيِّ فيسجَّل إلى غاية أوائل التسعينيات «قلَّة المراجع العربية، حيث لم يكتُب في هذا الموضوع إلاَّ قلَّة من الكتَّاب المحلِّيين، وكانت على مستوى أوراق بحث، أو أوراق عمل، كتبت باجتهاد شخصيٍّ»([3]).

وأهمُّ المحاور التي يعنى بها علم إدارة الوقت([4]):

  • التعرُّف على كيفية قضاء الوقت، واستخدام سجلاَّت الوقت، للحصول على معلومات دقيقة.
  • تحليل سجلاَّت الوقت، للتعرُّف على الأنشطة المضيِّعة للوقت.
  • التقييم الذاتيُّ، وهذا يتضمَّن تقييم القدرات، وما يستطاع القيام به.
  • تحديد الأهداف والأولويات.
  • إعداد خطط عمل لتحقيق الأهداف.
  • تنفيذ خطط العمل المرسومة وفق جدول زمنيٍّ محدَّد.
  • تبنِّي أساليب وحلولٍ ملائمة لمواجهة آفات الوقت.
  • المتابعة وإعادة التحليل بهدف التطوُّر.

وممـَّا يهتمُّ به هذا العلم بالنظر إلى المحاور السابقة، وفهارس الكتب المتخصِّصة:

  • خصائص الوقت.
  • تصوُّر الوقت، والافتراضات حوله.
  • تسجيل الوقت وتحليله.
  • ضبط الغايات.
  • تحديد الأهداف.
  • ترتيب الأولويات.
  • مضيِّعات الوقت.
  • إدارة الاجتماعات.
  • التفويض.
  • إدارة الذات.
  • التنظيم الفعَّال.
  • اتـِّخاذ القرارات.
  • مهارات التفكير الاستراتيجي، والوقت… الخ([5])

أمَّا فيما يخصُّ علاقة بحثي بعلم إدارة الوقت، فإنـَّه سيستفيد منه – لا محالة – في جلِّ محاوره ومواضيعه، ويستثني بعض النقاط التي تخرج من نطاق البرمجة الزمنية، كما عرَّفناها. ومن ذلك: إدارة الاجتماعات، والتفويض، واتخاذ القرارات…الخ([6]). ويستغني كذلك عن الجداول والمراحل التقنية الدقيقة التي يمرُّ بها المدير في إدارته لوقت المكتب أو الشركة.

والجديد في البرمجة الزمنية كما طرحناها، هو التعامل مع الإنسان من حيث كونُه مخلوقا لله تعالى، وليس الإنسان الذي يدَّعي السلطة على أفعاله. وكذلك شمولية العيِّنة لكلِّ إنسان مهما كان، وليس المديرين فقط.

والجديد كذلك هو التعامل مع المصادر الشرعية – من قرآن وسنَّة وما يندرج تحتهما – في الربط بين عمل معيَّن وزمن محدَّد؛ بخلاف علم إدارة الوقت، الذي يستغني كلية عن المصادر “اللاهوتية”([7]) لينطلق أساسا من التجربة، مع بعض الحنين إلى آراء الفلاسفة اليونانيين على الخصوص.

وسأحاول – بناء على ذلك – أن أوظِّف علوما لم يُسبق لها أن ذُكرت في علم إدارة الوقت، مثل: علم العقيدة، في تحديد الغايات والأهداف؛ وعلم أصول الفقه، وفقه الأولويات، في ترتيب الأولويات، وفكِّ التعارض.. في حين كانت تخضع فيه مثلُ هذه العناوين – الغايات، والأهداف، والأولويات – إلى آراء عقلية مجرَّدة، ونظريات بشرية.


[1] – أبو شيحة، نادر أحمد: إدارة الوقت؛ دار مجد لاوي، عمَّان، 1991؛ ص33-34. و سهيل فهد سلامة: إدارة الوقت، منهج متطور للنجاح؛ المنظَّمة العربية للعلوم الإدارية، عمَّان، 1988؛ ص19.

[2] – جونهاسن وروبرتسون: معجم مصطلحات الإدارة؛ ص142، 153. 

Ency. Britanica Inc: Britanica, the new Ec/ncyclopedia: ed. USA, 15th ed: l992, Vol 11/p108, 153.

[3] – معايعة، عماد صليبا: إدارة الوقت؛ د.نا، عمَّان، 1991م؛ ص12. ويلاحظ المؤلِّف كذلك «فقر مكتبتنا العربية للمراجع العربية أو المترجمة التي تطرَّقت إلى موضوع إدارة الوقت» نفس الصفحة.

[4] – أبو شيخة: إدارة الوقت؛ ص33.

[5] –  انظر- فهارس مراجع إدارة الوقت، مثلا: ليستر آر بيتل: إدارة الوقت، المرشد الكامل للمديرين الذين يعانون من ضغط الوقت؛ تر. محمد نجار، مر. هشام عبد الله؛ الأهلية للنشر والتوزيع، عمَّان، 1999م؛ ص289-297. 

[6] –  لكون هذه العناوين أقرب إلى فنِّ الإدارة منها إلى البرمجة الزمنية العامَّة.

[7] –  هذه الصفة سجَّلتها باعتبار ما في المراجع وكتب إدارة الوقت، ولست موافقا على إطلاقها طبعا. بل إنَّ القراءة المتواصلة لهذه المراجع أمدَّتني بهذا الحكم عنها.

عن د. محمد باباعمي

د. محمد باباعمي، باحث جزائري حاصل على دكتوراه في العقيدة ومقارنة الأديان، سنة 2003م، بموضوع: "أصول البرمجة الزمنية في الفكر الإسلامي مقارنة بالفكر الغربي"، وحصل على الماجستير في نفس التخصص سنة 1997 بموضوع: "مفهوم الزمن في القرآن الكريم"، وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في العقيدة والفكر الإسلامي، سنة 1994م، بموضوع: "مراعاة الظروف الزمنية والمكانية، والأحوال النفسية، في تفسير الآية القرآنية". صاحب الدعوى العلمية لتأسيس "علم الزمن والوقت"، بإشراك ثلة من الباحثين والأساتذة. للاطلاع على السيرة الذاتية التفصيلية: https://timescience.net/2021/11/13/%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%b9%d9%85%d9%8a-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a8%d9%86-%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%89-%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d8%b0%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%a9/

شاهد أيضاً

Daily Programming Rules from the Holy Sunnah

Daily Programming is not just a number of deeds to accomplish during the day; night …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *