نشر المقال في كتاب: الزمن الصبغة والأزمنة المهيمنة، نشر مؤسسة كتابك 2018
فكلُّ حركة للقلب، أو العقل، أو اللسان، أو الجارحة، أخذت في الحسبان العمق الإيمانيَّ، هي حركة مباركة ومقبولة عند الله تعالى، والزمن الذي تشغله طال أم قصر، هو زمن مثمر بنَّاء… والبرنامج الزمنيُّ في الفكر الإسلاميِّ يفسح المجال واسعاً لكلِّ ما يبني معاني الإيمان، ويسعى لهدم كلِّ مظاهر الشرك والكفر.
ممَّا عانى منه الفكر الإسلاميُّ عبر تاريخه الطويل، ولا يزال، إخضاعه عنوة لمقاييس لم توضع أساسا له، والحكمُ عليه بالسلب أو الإيجاب من خلالها([1])، ومن هذا القبيل التعاملُ مع الأزمنة الإسلامية بمداخل ومصطلحات ومناهج وُلدت من رحم الإنسان الغربيِّ، المتنكِّر عيانا للألوهية وللمصير، والـمُعاني دوما من الانفصام بين الماديِّ والمعنويِّ، وبين الدنيويِّ والأخرويِّ.
فهل في الإمكان – مثلا – أن نتحدَّث عن الأزمنة المهيمِنة في الفكر الإسلاميِّ؟
إنَّ هذا ممكن، فقط عندما يحدث انحراف في الفكر الإسلاميِّ، وزيغ في تطبيقه، أمَّا في حالته الطبيعية فإنَّ هذا غير وارد البتَّة، ومن الخطأ والخطل الاعتقاد بوجودها.
فمن المناسب أن نظهِر بعض الانحرافات – في الفهم وفي العمل – التي تسبَّبت في نشأة أزمنة مهيمِنة وأخرى مختزلَة، لدى المسلمين قديما وحديثا، ثم نحاول تصحيح الصورة باعتماد النصوص القطعية والفهوم المستقيمة للفكر الإسلاميِّ.
أولا- الأزمنة المهيمِنة في التاريخ الإسلامي (انحراف الفهم والعمل):
عقد الإمام الشاطبيُّ في “الاعتصام” فصلا([2]) شيِّقاً في النهي عن الترهُّب والتبتُّل، ومجمل الأحاديث التي أوردها تفيد أنَّ ثلَّة من الصحابة رضوان الله عليهم أرادوا أن ينقطعوا للعبادة، وكرِهوا أمورا رأوها من الدنايا، مثل: النوم، والطعام، والنساء… وهم بفعلهم هذا قد أحدثوا زمنا مهيمِنا، على حساب الأزمنة الأخرى؛ غير أنَّ القرآن الكريم ما لبث أن صحَّح هذه المواقف، وبيَّن ذلك رسول الله e قولاً وفعلاً.
فلو لم يفعل لانجرَّ الفكر الإسلاميُّ إلى غلبة الزمن التعبُّدي، ولاختُزلت أزمنة العمل، والراحة، والنوم… ذلك أنَّ «الإسلام طريقة حياة، أكثر منه طريقة تفكير (…) وأنـَّه فقط من خلال فهمنا لحياة الرسول e يعرِض الإسلامُ نفسَه كفلسفة عملية، أو خطَّة شاملة للحياة كلِّها»([3]).
يقول تعالى: “يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ، وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللهُ حَلالاً طَيِّبًا، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُون” (سورة المائدة: الآيتان 87-88)، وقد رويت في سبب نزول هذه الآيات «أخبارٌ، جملتها تدور على معنى واحد، وهو تحريم ما أحلَّ الله من الطيِّبات تديُّنا أو شبه التديُّن، واللهُ نهى عن ذلك وجعله اعتداء، والله لا يحبُّ المعتدين. ثمَّ قرَّر الإباحة تقريرا زائدا على ما تقرَّر بقوله: “وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللهُ حَلالاً طَيِّبًا”»([4]).
ومن جملة هذه الأخبار روايةٌ عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ الآية نزلت في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم «سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السرِّ، فقال بعضهم: لا أتزوَّج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش. فحمد الله وأثنى عليه، فقال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكنيِّ أصلِّي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوَّج النساء، فمن رغب عن سنَّتي فليس مني…»([5]).
وعلى هذا المنهج المتَّزن دأب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكثيرا ما قوَّموا اعوجاجات ناتجة عن سوء الفهم في ممارسة العبادة، وعن المبالغة في ترك الطيِّبات تقرُّبا لله تعالى – في تقديرهم -، ومن ذلك ما روى عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: «آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أمَّ الدرداء متبذِّلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما، فقال: كلْ. قال: فإنِّي صائم. قال: ما أنا بآكل حتَّى تأكل. قال: فأكل. فلمَّا كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام. ثم ذهب يقوم، فقال: نم. فلمَّا كان من آخر الليل قال سلمان: قمْ الآن، فصلَّيا. فقال له سلمان: إنَّ لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه. فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان»([6]).
وذُكر عن إسماعيل القاضي([7])، عن معقل([8])، أنـَّه سأل ابن مسعود رضي الله عنه، فقال: «إنِّي حلفتُ أن لا أنام على فراشي سنة، فتلا عبد الله “يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُم…” ادنُ وكفِّر عن يمينك، ونم على فراشِك»([9]).
غير أنَّ الحديث الشريف لم يسلَم من فعل الوُضَّاع، الذين أضفَوْا مبالغات خطيرةً على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن جملة تلك المبالغات نفي الراحة عنه عليه السلام، وإظهاره بمظهر المنـزوي والبعيد عن الناس، كلُّ وقته تعبُّد وصلاة، ليس له من يومه ساعات للعائلة والأصحاب، ولا للمرح والطيِّبات؛ ولقد جمعتُ العديد من الأحاديث من هذا القبيل، سأكتفي بإيراد حديث واحد رووه عن الحسن بن عليٍّ – كنموذج – جاء فيه: «سألتُ خالي هند بن أبي هالة([10])، وكان وصَّافاً، فقلتُ: صف لي منطق الرسول صلى الله عليه وسلم. قال: كان الرسول صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة (…)»([11])
ثمَّ جاء العهد الأمويُّ (40-132هـ/661-750م) وحمل معه تبديلا وتغييرا، في شتَّى مجالات الحياة: الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والفكرية… ومن جملة التبديل إحلال زمن المتعة والغناء، والمآكل والمشارب… كزمن مهيمِن، وإضعاف زمن التعبُّد بكلِّ الوسائل المتاحة ([12]).
ولقد أصبحت الأمَّة الإسلامية بفعل هذه السياسية «تميل إلى الراحة، والاسترخاء، والاهتمام بشؤون الدنيا، نتيجة الإغراءات الكبيرة، أو القسوة الشديدة التي مارسها الحكَّام في آن واحد. ومع مرور الزمن صار الشعور بالاسترخاء والاهتمام بالشؤون الشخصية ظاهرة سائدة» ([13]).
وهذا يعني – بلُغة الزمن – تعطيل الزمن بمفهومه الإيجابيِّ، وعرقلة الإنتاج والعمل والإبداع…
وتدلُّ النصوص أنَّ معاوية بن أبي سفيان (ت. 60هـ/680م) استعمل فيما استعمل من الوسائل لتوطيد عرشه – بعد إبعاد عليٍّ رضي الله عنه من سدَّة الحكم – ما يمكن أن نعبِّر عنه بمصطلح “صناعة الفراغ”، أو “صناعة الترويح” من الوجهة السلبية لا الإيجابية، فلقد «كان بالمدينة على عهده طائفة من الشباب المترَف (…) يخشى أن تشرئبَّ أعناقهم إلى الخلافة، ويسوِّل لهم حبُّ الملك أن يكيدوا له، فقصرهم على سكن الحجاز، وحظر عليهم أن يغادروه إلاَّ بإذنه. ورأى من الحزم أن يقيِّدهم بالإحسان، ويفيض عليهم جزيل العطاء، ففرض لهم رواتب ضخمة من بيت المال، كانت تتدفَّق عليهم من خزائن الشام، هذا إلى ما ورثوه من آبائهم الفاتحين من ثراء وافر، ثمَّ هم بعد فارغون من العمل، متعطِّلون»([14]).
ولقد نبَّه عالم عن تجاوزات يزيد بن معاوية (ت. 64هـ/683م)، وأنَّ وقته استنـزف في اللهو واللعب، وأدخل على الإسلام زمنا مهيمنا لا يقرِّه الشرع الحنيف، ولا يقبله العقل الحصيف، ففي شذرات الذهب أنَّ عماد الدين أبا الحسن الكيا الهراسي الشافعي([15]) «سئل عن يزيد بن معاوية، فقال: إنـَّه لم يكن من الصحابة؛ لأنـَّه ولد في أيام عمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم، وأمَّا قول السلف، ففيه لأحمد قولان: تلويح وتصريح، ولمالك فيه قولان: تلويح وتصريح، ولأبي حنيفة قولان: تلويح وتصريح. ولنا قول واحد: تصريح دون التلويح، وكيف لا يكون كذلك، وهو اللاَّعب بالنرد، والمتصيِّد بالفهود، ومدمن الخمر، وشعره في الخمر معلوم»([16]).
ولم يكن العهد العباسي أحسن حالاً في هذا، إلاَّ ما يُستثنى في بعض فتراته، «فلقد أسرف الأمراء في المأكل، فكان يُطبخ للرشيد كلَّ يوم ثلاثون لونا»([17])، والسؤال: كم سيشغل هو وحاشيته وأهل داره من الوقت في التمتُّع بهذه الأطايب؟ لا شكَّ أنَّ هذا يُحدث زمنا مهيمِناً على حساب أزمنة أخرى.
وكان الناس في هذا العهد «يقضون أوقات فراغهم في سماع الحكايات القصيرة والنوادر، كما كانوا يتلهَّون داخل المنازل بالشطرنج … وكذا النرد.. والرمي بالنشاب، والصيد بالبندق، ولعبة الجوكان، والصولجان، والجريد.. وسباق الخيل.. والكريكيت، والتنس، والصيد»([18]).
وعرفت الأندلسُ بعد ذلك ازدهارا وعصوراً ذهبيَّة، ثم عرفت الرخاء والبذخ، حتى إذا أترف القوم وعفَوْا، آذن النذير بسقوطها، فأفل نجمها (سنة 897هـ/1492م)؛ فعوض أن يُستغلَّ الليل للنوم والأهل، أو يعمَّر بالعبادة والعلم، أو يشغل بالمرابطة على الثغور والتخطيط المستمرِّ، تحوَّل إلى فسحة للشهوات.. «يقضي المتآكلون الليلة يتناولون الطعام الشهيَّ، ويتلذَّذون بالخمرة الـمُحيِية، ويطربون للألحان العذبة، ويتحادثون ويتسامرون، ويقضي الطاهي الليلة يدور بين الفرُن، فيه يدخل الأخباز ينضجها، واللحوم يحمِّرها»([19]).
ولم يسلم التاريخ الإسلاميُّ من ترهُّب وإعراض عن الدنيا، ومبالغات في الصلاة والصوم… ممَّا أحلَّ زمن التعبُّد كزمن مهيمِن على غيره من الأزمنة؛ فيُحكى – مثلا – أنَّ المنصور بن زاذان([20]) كان «خفيف القراءة، يقرأ القرآن كلَّه في صلاة الضحى، ويختم القرآن بين الأولى والعصر، ويختم في يوم مرَّتين، وكان يصلِّي الليل كلَّه. وقالت أمُّ ولده: كان يقوم هذا الليلَ فلا يضع جنبه، وما كان يأتيني إلاَّ كما يأتي العصفور، ثم يغتسل، ثم يعود إلى مُصلاَّه، فلا ينام هذا الليلَ»([21]).
فلو أنَّنا حاولنا وضع برنامج زمنيٍّ لهذا المتعبِّد، لَما وجدنا غير الصلاة وقراءة القرآن، في الليل والنهار، ولافتقدنا أزمنة لعبادات أخرى لها مكانتها في الإسلام، مثل: الاسترزاق، والأهل، ونفع العباد…الخ.
والغريب أن نطالع كتابا بعنوان “مفتاح الفلاح”، يتضمَّن «أعمال اليوم طيلة 24 ساعة، يعيشها المؤمن مع ربِّه، من الدعاء والذكر والصلاة، اختارها العلاَّمة الكبير الشيخ البهائي([22]) من السنَّة النبويَّة الشريفة»([23])، ومن حياة أيمَّة الشيعة، من لدن عليٍّ كرَّم الله وجهه، إلى الإمام الثاني عشر «الخلف الحجَّة»([24]). ولو أنَّ أحداً التزم هذه الأعمال والأدعية جميعاً لاستغرقت جميع يومه وأكثر، ولَما أمكنه مغادرة مُصلاَّه طرفة عين، ولَما عرف ساعة من نوم أو راحة.
وضمن هذه المبالغات التي أضرَّت بالإسلام يروي رضا علوي قصَّة طريفة نُقلت عن الإمام جعفر الصادق([25]) قال:
«كان لرجل مسلم جار كافر، وكانا يتحدَّثان حول الإسلام أحيانا، ولم يزل المسلم يزيِّن الإسلام في نظر جاره الكافر حتى أسلم.. كان الوقت سحَرًا حينما سمع النصرانيُّ الحديثُ الإسلامِ قرعاً على الباب، فتساءل:
– من الطارق؟
– أنا فلان وعرَّف نفسه، فكان جاره المسلم..
قال: ما حاجتك في وقت كهذا؟
فناداه: أن توضَّأ بسرعة، وارتدِ ثيابك حتى نذهب إلى المسجد لأداء الصلاة.
توضَّأ الرجل النصرانيُّ الذي دخل الإسلام حديثا، وخرج مع رفيقه المسلم، ولأوَّل مرَّة في حياته دخل المسجد. كان الوقت يقترب من الفجر، فصلَّيا كثيراً حتى حان وقت صلاة الصبح، فأدَّيا الفريضة، وانشغلا بالدعاء حتى أضاء الصبح العالَم بنوره، فأراد المسلم الجديد أن يذهب إلى منـزله، فقال له رفيقه المسلم:
– إلى أين؟
– أريد أن أعود إلى منـزلي، فقد أدَّينا فريضة الصلاة، ولم يعد لنا من عمل.
– فيمَ العجلة، لنقرأ تعقيبات الصلاة حتى بزوغ الشمس..
فاستجاب المسلم الجديد، ومكث مكانه، وانشغل بذكر الله حتى بزغت الشمس، فنهض ليذهب، فطلب صاحبُه منه أن يقرأ القرآن حتى يرتفع النهار، وأوصاه أن ينوي نية الصوم لذلك اليوم، وقال له: أنت تعلم كم هو ثواب الصوم وفضيلته!
ولَمَّا حان وقت الظهر، قال المسلم: اصبر قليلا، إذ لم يبق بينك وبين الظهر إلاَّ قليلا. ثم أدَّى فريضة الظهر بعد دخول وقتها. وبعد أن أنهيا صلاة الظهر، قال المسلم لرفيقه: إنَّ صلاة العصر على وشك أن يحين وقتها، وفضيلتها أن تؤدَّى في وقتها..
وبعد صلاة العصر قال المسلم: لم يبق من النهار شيء، فأجبر رفيقه على البقاء حتى صلاة المغرب، وبعد صلاة المغرب أراد المسلم الجديد أن يغادر المسجد إلى بيته، فلم يوافق رفيقه المسلم، حيث قال له: لم يبق أمامنا غير فريضة واحدة وهي فريضة العشاء، فصلاَّها، وذهب إلى منـزله..
وفي سحَر الليلة الثانية سمع بابه تُقرع، فسأل: من الطارق؟
– أنا جارك فلان، توضَّأ بسرعة، والبس ثيابك حتى نذهب معا إلى المسجد..
– أنا من دينك هذا قد استغنيتُ، اذهب وفتِّش عن شخص أكثر بطالة منِّي، يستطيع أن يقضي وقته في المسجد، أنا إنسان فقير، وصاحب عيال، ويجب أن أعمل طلبا للرزق..»([26]).
هذه القصَّة تعبِّر عن واقع مَن يجهل حقيقة الإسلام والدعوة إليه، ويهتمُّ بالشكل دون المحتوى، وبالكمِّ على حساب الكيف، ويغلِّب زمنا هو من الدين على أزمنة لا تقلُّ أهميَّة في الدين.. ناسيا أو جاهلا أنَّ أفضل العبادة ما كان وفق ما أراد الله تعالى، وسنَّ رسوله صلى الله عليه وسلم القائل في مثل هذا المقام: «من رغب عن سنَّتي فليس منِّي»([27]).
والحقُّ أنـَّه «انشطرت وحدة الإسلام على يد أناس قصروا الإسلام على جانبه الدينيِّ المجرَّد، فأهدروا وحدته، وهي خاصيَّته التي ينفرد بها عن سائر الأديان. لقد اختزلوا الإسلام إلى دين مجرَّد، أو إلى صوفية، فتدهورت أحوال المسلمين»([28])، وفقد المسلمُ دوره الرياديَّ، وضيَّع شهوده الحضاريَّ في العالَم.
وإذا ما وصلنا إلى عصرنا صادفتنا تصرُّفاتٌ – فكرية وعملية – تلزُّ في قرَنٍ مع ما ذكرنا، فإضافة إلى التجاوزات التطبيقية التي تحمل الإفراط والتفريط، نشير إلى بعض المبالغات في كتب وُضعت أساساً لتعلِّم الناس كيف يستثمرون أوقاتهم، وإعطاء هذه المبالغات – أو الحالات الشاذَّة في أقلِّ تقدير – هالةً من الاحترام والتقدير، فنورد مثلا واحداً نقله صاحب “وقفات مع الوقت”، قال: «قيل لنافع: ما كان ابن عمرَ يصنع في منـزله؟ قال: الوضوء لكلِّ صلاة، والمصحف فيما بينهما»، ويعلِّق المؤلِّف([29]) على هذا فيقول: «وهكذا كان ابن عمر يستغلُّ وقته في منـزله استغلالا إيمانيًّا»([30]).
ولم يسلم كتاب الشيخ أبي غدَّة القيِّم من بعض المبالغات([31])، التي لا تخدم المنهج الإسلاميَّ الأمثل في برمجة الوقت لدى المسلم المعاصر، وكنـَّا نودُّ لو علَّق عليها وصوَّبها، وبخاصَّة أنـَّه صار مرجعا في بعض هذه المبالغات للكثيرين ممن بعده. نذكر للتمثيل ما أورده عن طاش كبرى زاده عن الحسن الشيباني، قال عنه: كان «لا ينام الليل، وكان يضع عنده دفاتره – يعني كتبا – فإذا ملَّ من نوع نظر في آخر، وكان يزيل نومه بالماء، ويقول: إنَّ النوم من الحرارة»([32]). وأكثر مبالغة من هذا ما نقله عن عبيد بن يعيش، أنـَّه قال: «أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل، كانت أختي تلقِّمني، وأنا أكتب الحديث»([33]).
ومن جملة الانحرافات في البرمجة الزمنية كذلك، ما نطالعه من كتب أعِدَّت على نسق غربيِّ المنطلق غربيِّ المصبِّ، فاستبعدت الدين والعبادة كلِّية من دائرة البحث والدراسة، ونورد كمثال لذلك الدكتورة عطيات في كتابها عن “الترويح وأوقات الفراغ”، فمن بين الأخطاء نذكر:
- لـمَّا اقترحت أنموذجا لبرنامج يوميٍّ لـمُعسكرٍ، بيَّنت فيه كلَّ التفاصيل الممكنة، حتى الدقيقة منها، ولم تُدرج ضمنها – ولو إشارة – العبادةَ، من صلاة أو مذاكرة للقرآن… ([34])
- خَصَّصت الفصل الخامس من كتابها لأنواع أنشطة الترويح وتصنيفاتها، وبسطت القول في تعدادها، فأهملت كلية ما يعتبر ترويحا دينيا، مثل عمارة المساجد، أو حلقات الفقه والذكر…([35])
- في دراسة تحليل الوقت الميدانية، استعملت المؤلِّفة استمارة تسجيل الوقت، للتعرُّف على نوعية النشاط اليوميِّ الذي يمارسه الشباب، فأبعدت تماماً ما يمتُّ إلى الدين بصلة، وكأنـَّها تتعامل مع مجتمع غير مسلم([36]).
ويذكر الأستاذ محادين باللفظ أنَّ «معظم الشباب في المجتمع العربيِّ حاضراً، يعتقدون بضرورة تقسيم الوقت إلى: وقت عمل، ووقت فراغ، ولكنَّهم مع شديد الأسف لم يطبِّقوا هذه العملية المهمَّة على أنفسهم، أي أنـَّهم لا يسيرون وفق جدول زمنيٍّ يحدِّد أوقات عملهم، وأوقات فراغهم وترويحهم»([37]) فأين هو زمن العبادة من بين هذه الأزمنة المذكورة؟ وهل حقًّا الشباب العربيُّ كلُّه يغفل في برنامجه اليوميِّ أوقات الصلاة، وعمارة المساجد، والأعمال الخيرية والإيمانية الأخرى؟
إنَّ هذه الانحرافات في الفكر لا تستثني انحرافات ميدانية في البرمجة الزمنية للمسلم المعاصر، فلو أنَّنا سألنا: ما هو البرنامج اليوميُّ للمسلم؟ هل لديه زمن مهيمِن وأزمنة مهيمَن عليها، أو مختزَلة؟ … لَما استطعنا أن نجد الجواب الدقيق؛ ذلك أنَّ من أدواء العصر التي نعاني منها نحن المسلمين «أنـَّنا لا نعرف قيمة الوقت، وأنَّا نضيِّع أوقاتنا سدًى، ونذهِب أعمارنا عبثا، لا نعرف لها قيمة»([38]) فتشتَّتت أحوال المسلمين بين انتمائهم الوراثيِّ لدينهم، وولائهم للثقافة الغربية التي تفرض نفسها عليهم في عقولهم وأجسامهم، وفي أمكنتهم وأزمنتهم، وكأنَّ الآية نزلت فيهم: “ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ”(سورة الزمر: 29)([39]).
بالإضافة إلى هذا التشتُّت الانتمائي، يعيش المسلمون اليوم انفصاما بين ما يصنِّفونه تحت خانة: “الدنيا”، وما يدرجونه تحت عنوان: “الآخرة”. والحقُّ أنَّ الإسلام لا يعرف هذا التفريق بينهما، فلن يرضي المسلمون الله «ولن يخدموا الآخرة، إذا دخلوا المدرسة، أو الجامعة، أو المعمل، أو المصنع، أو المتجر وفي حسابهم أنهم الآن يعملون للأرض ويعملون للدنيا، وأنهم في لحظة أخرى حين يفرغون من عمل الأرض، سيعودون – إذا عادوا – إلى الله، فيعبدونه، ويتوجَّهون إليه.
كلاَّ ليس ذلك من الإسلام! إنَّما الإسلام أن يأكلوا باسم الله، ويتزوَّجوا باسم الله، ويتعلَّموا باسم الله، وفي سبيل الله، ويعملوا، وينتجوا، ويتقووا، ويستعدوا.. في سبيل الله»([40]).
فما الدنيا إلاَّ مطيَّة الآخرة، وما الآخرة إلاَّ ثمرة للدنيا، لا انفصام بينهما، ولا غَناء لواحدة عن الأخرى؛ فإمَّا أن تصلحا جميعا، وإمَّا أن تهلكا جميعا.
ثانيا- بعض مبادرات التصحيح في الفكر الإسلامي:
ثمَّة مبادرات مشكورة لإحلال الدين مكانه في البرمجة الزمنية، وإعادة صياغة برنامج زمنيٍّ مؤسَّس على أرضية من العبادة المطلقة لله تعالى، بالاعتماد على النصوص الشرعية القطعية من قرآن كريم وسنَّة نبوية شريفة، مع الاستئناس بتجارب العلماء عبر التاريخ الإسلاميِّ القديم والحديث.
هذا من جهة؛ ومن جهة ثانية، تتعامل بعض المحاولات الإحصائية مع المجتمع المسلم دون إقصاء لجانبه الدينيِّ – شأن غالبية الدراسات -، فتدرِج ضمن البحث الصلاةَ، وصلةَ الأرحام، وقراءة القرآن… الخ.
ونذكر للتمثيل البحث الميدانيَّ الذي أجراه الدكتور محمَّد علي حول: “الشباب الجامعيِّ ووقت الفراغ”، في عدد من الجامعات المصريَّة، بلغ حجم العيِّنة 3870 مبحوثا، موزَّعين على كافَّة كليَّات الجامعة([41]).
ومن جملة أسئلة الاستمارة أدرج الدكتور سؤالا عن «دُور العبادة ووقت الفراغ»، فتوصَّل من خلاله إلى نتيجة مفادها أنـَّه «أصبحت دُور العبادة في وقتنا الحاضر منظَّمات تؤدِّي عددا من الوظائف الاجتماعية الهامَّة، فإلى جانب أنـَّها أماكن لأداء العبادات والطقوس الدينيَّة، فهي أيضا مراكز تقدِّم الخدمات الاجتماعية والثقافية المختلفة…» ([42]).
أمَّا رضا علوي فقد أحصى ثلاثين نوعا من أنواع الترفيه الحلال، بكلِّ أنواعه: الرياضية، والفنية، والثقافية، وكان من بينها: «صلة الأرحام، ومشاهدة البرامج التلفزيونية الملتزمة، والاستماع إلى الأناشيد الإسلامية والابتهالات الدينية…» ([43]).
ولا تخفى المبادرات الأخرى التي حاولت إعطاء البرمجة الزمنية بُعداً إيمانيًّا وروحيًّا، فالدكتور عبد الستار نوير – مثلا – عدَّ العقيدة الصحيحة أوَّل أصل من الأصول النظرية الموجِّهة إلى «الإفادة من أوقات العمر، إلى أقصى حدٍّ ممكن»([44]).
وأمَّا اعتبار الصلاة محوراً للبرمجة اليومية للمسلم، فقد نبَّه إليه بعض من المؤلِّفين للدراسات الإسلامية في “الوقت وأهميته”، نذكر من بينهم: القرضاوي([45])، وأبا غدَّة([46])، وكرزون([47])، والخالدي([48]).
وعموماً، تعدُّ هذه الأعمال باكورة، تُذكر فتشكر، ولها فضل السبق في دعوتها إلى إدراج العبادة والدين ضمن البرنامج اليوميِّ للمسلم المعاصر، غير أنـَّه يلاحظ عليها أمور، منها:
- أنـَّها لم ترق بعدُ إلى مستوى البحث المتخصِّص في البرمجة الزمنية.
- تفتقد مصطلحات خاصَّة ودقيقة.
- لا تنتظم تحت منهج مشترك واضح.
- لا تعتمد على قدر كاف من النصوص القرآنية والحديثية، فيما له علاقة بالبرمجة الزمنية.
- بعض هذه الدراسات مذهبيُّ النـزعة، في اقتراحه للبرنامج اليوميِّ للمسلم.
- وبعضها الآخر خواطر غير دقيقة، في إدراج الدين مكانه من البرمجة.
وفي تقديرنا: إنَّ أكبر إشكالية في بحث تأصيليٍّ عن البرمجة الزمنية هي التي تحاول أن تجيب عن السؤال الآتي: ما مكانة العبادة في البرمجة الزمنية من منظور إسلاميٍّ صحيح؟ وهل من مقترحات مؤصَّلة ودقيقة؟
ثالثا- الزمن الصبغة (محاولة تأصيلية):
في تحليلنا للأزمنة المهيمنة، بينَّا الخصائص العامَّة التي تجعل زمنا ما مهيمِنا على غيره من الأزمنة، ولـمَّا حاولنا أن نجد زمنا في الفكر الإسلاميِّ – من خلال النصوص القطعية – يمكن أن نعدَّه زمنا مهيمِنا، لم نهتد.
ذلك أنَّ الخصائص الخمس المذكورة([49]) لا تصدق على أيِّ زمن من الأزمنة المبسوطة في القرآن الكريم، والمفصَّلة في السنَّة النبويَّة الشريفة.
من هنا اقترحنا مصطلح “الزمن الصبغة” اقتباسا من قوله تعالى في سورة البقرة: “صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللهِ صِبْغَةً”(سورة البقرة: 138) .
ومن خصائص هذا الزمن المقترح ما يلي:
- لا يعني وجوده انتفاء الأزمنة الأخرى، فهو ملازم لكلِّ الأزمنة: من عمل، ونوم، وراحة… الخ. أمَّا الزمن المهيمِن فيكون على حساب الأزمنة الأخرى كمًّا وكيفاً.
- هو زمن ضابط للمنهج والتوجُّه، قبل أن يكون زمنا لموضوع معيَّن، أي هو زمن يحدِّد الوجهة ولا يعبِّر عن المحتوى في الدرجة الأولى. أمَّا الأزمنة المهيمنة فتدلُّ على المحتوى أساسا، ويقال: زمن العمل هو الزمن المهيمن – مثلا -، إذا كان الزمن المخصَّص للعمل، والمحتوي له، هو المهيمِن.
- هو زمن كيفيٌّ “qualitatif” في الأساس، ويكون كمِّيا “quantitatif” في بعض صوره. أمَّا الزمن المهيمن فهو كمِّيٌّ أساسا، وقد يكون كيفيـًّا في بعض مظاهره([50]).
- إذا كان الزمن المهيمن من نتاج الإنسان والإنسان وحده، أو على الأقلِّ هو كذلك في اعتقاده وتقديره، فإنَّ “الزمن الصبغة” من خالق الإنسان، الذي أنشأه وضبط له أزمنته وأمكنته، فهو “الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى” (سورة الأعلى: الآيتان 2-3)، “وَكُلّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ” (سورة الرعد: 8). والمصطلح القرآنيُّ لهذه الهداية الزمنية هو “الجعلُ”، ذلك أنَّ الله تعالى يقول: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا” (سورة الفرقان: 62)، “اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا” (سورة غافر: 61).
و”الجعل” إذا نُسب في القرآن الكريم إلى الله تعالى، يعني «توجيه الشيء المخلوق إلى مهمَّته التي خُلق لها»([51])، وهو بعد الخلق في الترتيب الزمنيِّ.
- هو زمن واحد لا يتغيَّر بتغيُّر الظروف والأحوال، ولا يتبدَّل بتبدُّل الأزمنة والأمكنة، ولا يتقلَّب بتقلُّب الأفكار والأمزجة، بل هو ثابت دائم، فإمَّا أن يكون أو لا يكون. هو المقياس ولا يقاس على غيره؛ بخلاف الأزمنة المهيمِنة؛ ولذلك فضَّلنا صيغة الإفراد على صيغة الجمع، فقلنا: “الزمن الصبغة“.
تعريف “الزمن الصبغة”:
“الزمن الصبغة” هو زمن العبادة، عندما تعني العبادة أشمل معانيها ومدلولاتها، لقوله تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِي” (سورة الذاريات: 56)، أي «ليخضعوا ويتذلَّلوا، ومعنى العبادة في اللغة التذلُّل والانقياد»([52])، وإدامة الفكر والذكر، وملازمة الصبر والشكر، مع كلِّ عمل يأتيه الإنسان طوعاً، أو يعترض له كرهاً، ليلاً أو نهاراً، سرًّا أو علانيَّة… ولا تقصر العبادة هنا على الأعمال التي تشغل حيِّزا زمنيًّا بارزا، مثل الصلاة وصلة الأرحام، لأنـَّه لا يعقل أن يُؤمَر المسلم بقضاء يومه كلِّه في مصلاَّه ومسجده، أو متنقِّلا بين أهله ورحِمه. وحديث «الإيمان بضع وسبعون – أو بضع وستون – شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»([53]) يركِّز هذا المعنى ويدعو إليه.
وفي الآية – التي استنبطنا منها مصطلح الصبغة – وردت العبادة بهذا المعنى الواسع: “قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا… صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِن اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ” (سورة البقرة: الآيات 136-138).
ذكر المفسِّرون في سبب نزول هذه الآيات أنَّ «النصارى، إذا أرادت أن تنصِّر أطفالهم جعلتهم في ماء لهم، تزعم أنَّ ذلك تقديس، بمنـزلة غسل الجنابة لأهل الإسلام، وأنـَّه صبغة لهم في النصرانية»([54])، وهو ما يسمَّى بالتعميد.
وإنَّ من أنواع التعميد، في هذا العصر، فرضُ برنامج زمنيٍّ على الغير، بحيث لا يتلاءم مع مبادئه وقيمه، ولا مع فطرته وسكينته، والعبرة في فهم القرآن الكريم بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ومن هنا جاء قوله تعالى تتمَّة: “قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ” (سورة البقرة: 139). لكلٍّ عمله، ولكلٍّ منهجه وطريقته في إنزال ذلك العمل عند وقته المناسب له، فإنَّ «العالي الهمَّة مطلبه فوق مطلب العمَّال والعبَّاد، وأعلى منه، فهو يأنف أن يَنـزل من سماء مطلبه العالي، إلى مجرَّد العمل والعبادة، دون السفر بالقلب إلى الله، ليتحصَّل له، ويفوز به، فإنـَّه طالبٌ لربِّه تعالى طلبا تامًّا بكلِّ معنى واعتبار، في عمله وعبادته، ومناجاته، ونومه ويقظته، وحركته وسكونه، وعزلته وخلطته، وسائر أحواله، فقد انصبغ قلبه بالتوجُّه إلى الله تعالى أيـَّما صبغة»([55]).
ولقد اختلف المفسِّرون في معنى “الصبغة” في الآية المذكورة، فذهب ابن عباس، وقتادة، وأبو العالية، وعطية، والسدِّي إلى أنـَّها: الدين. وذهب مجاهد وابن كثير إلى أنـَّها: الفطرة([56]). والزمن الصبغة يعني تبعا: الزمن الفطريَّ([57])، الذي هو في أصل خلقة الإنسان، ويعني: الزمن الدينيَّ التعبُّديَّ، الذي هو لله كلّه، ليس فيه شِرْوَ نقير لغيره “قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لله رَبِّ العَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِين” (سورة الأنعام: الآيتان 162-163) .
وإذا ما استعملنا لغة الدراسات الزمنية، قلنا: إنَّ جملة الأعمال اليومية في حياة الناس، كما في “علم اجتماع الفراغ”، و”إدارة الوقت”، و”ميزانية الوقت”… يمكن اختصارها إلى ثلاثة أعمال: النوم، والعمل، والفراغ. فكلُّ الأبحاث تدور على هذه الأزمنة ولا تعدوها، ومن هنا جاءت الأزمنة المهيمنة التي أبدع في تحليلها وصياغتها صياغة منهجية، عالـمُ الاجتماع: “روجير سيو”.
فلو حاولنا – مبدئيا – أن نعدِّل هذه الثلاثية، حسب مبدأ “الزمن الصبغة” الذي اقترحناه، فإنَّنا نضيف إليها عنصرا رابعا، وهو: زمن الشعائر، ويعني زمن العبادة التي تشغل حيزا بارزا من الوقت في اليوم، وقد نسمِّيها بـ: العبادة المؤقَّتة. فتتحوَّل المعادلة إلى:
أعمال المسلم الزمنية (اليومية) =
الشعائر + العمل + النوم + الفراغ
غير أنَّ هذه المعادلة لـمَّا تكتمل بعد؛ لأنَّها لم تؤسَّس على البعد الإيمانيِّ الشامل، فهي كمِّية شكليَّة، أقرب ما تكون إلى معادلة الأزمنة المهيمِنة منها إلى معادلة “الزمن الصبغة”، وبالتالي لا تكتمل المعادلة إلاَّ على هذا الشكل الرياضيِّ:
البرنامج الزمني = (الزمن الصبغة×زمن الشعائر) + (الزمن الصبغة×زمن العمل) + (الزمن الصبغة×زمن النوم) + (الزمن الصبغة×زمن الفراغ) Û
البرنامج الزمني = الزمن الصبغة × زمن (الشعائر + العمل + النوم + الفراغ)
هو زمن واحد لا يتغيَّر بتغيُّر الظروف والأحوال، ولا يتبدَّل بتبدُّل الأزمنة والأمكنة، ولا يتقلَّب بتقلُّب الأفكار والأمزجة، بل هو ثابت دائم، فإمَّا أن يكون أو لا يكون. هو المقياس ولا يقاس على غيره
رابعا- مظاهر الزمن الصبغة:
يمكننا معرفة الزمن الصبغة من خلال تحليلنا للآيات القرآنية، وللأحاديث النبوية الشريفة، التي وردت فيها المفاهيم العامَّة للبرمجة الزمنية كما عرَّفناها؛ وعلى هذا يكون من مظاهر الزمن الصبغة:
- ما امتُدح فيه الكثرة من الأعمال في القرآن الكريم: فالذكر هو العبادة الوحيدة التي امتدحَ الحقُّ تعالى الإكثار منها، في كامل القرآن الكريم([58])، يقول سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: “وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا” (سورة آل عمران: 41)، ويأمر المؤمنين بما أُمر به الرسول الكريم: “يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا” (سورة الأحزاب: 35)، “وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (سورة الجمعة: 10).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أكثروا ذكر هادم اللذات، يعني الموت»([59])، وهذا باعتبار أنَّ الذكر لا يعني فقط النطق باللسان، وإنما يشمل حضور الذهن والوعي لدى القيام بأيِّ عمل، مهما كان نوعه.
يقول الإمام ابن كثير في هذا المعنى: «إنَّ الله تعالى لم يفرض عبادة إلاَّ جعل لها حدًّا معلوماً، ثم عذر أهلها في حال العذر، غير الذكر، فإنَّ الله تعالى لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدًا في تركه، إلاَّ مغلوبا على تركه»([60]).
- ما استغرق جميع اليوم بصيغ الاستغراق الزمنية: ومن هذه الصيغ:
“بكرة وأصيلا”، ومن هذه الأعمال التسبيحُ، الذي هو من أنواع الذكر، قال تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً، فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا، وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلا” (سورة الإنسان: الآيات 23-25). وقال لعامَّة المؤمنين: “لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا” (سورة الفتح: 09).
“بالليل والنهار”: ومن ذلك الإنفاقُ، فقد امتدح الله المنفقين بقوله: “الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” (سورة البقرة: 274)، فالحقُّ سبحانه «استوعب زمن الإنفاق: ليلا ونهارا، واستوعب أيضا الكيفية التي يكون عليها: سرًّا وعلانية؛ ليشيع الإنفاق في كلِّ زمن بكلِّ هيئة»([61])، فالإنفاق – كما هو بيِّن – لا يستغرق زمنا معتبراً من اليوم، ولكنَّه يحتاج إلى قلب ليِّن وجِل، وحبٍّ مداوم لفعل الخيرات.
- ما استغرق جميع حالات الإنسان في هيئته: “قياما وقعودا وعلى الجنب”، ففي سورة آل عمران: “الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِم” (الآية 191). «أي يذكرونه دائما على الحالات كلِّها: قائمين، وقاعدين، ومضطجعين»([62]).
- زمن التفكُّر: في خلق السماوات والأرض، وفي الأنفس، وفي بديع صنع الله تعالى، وفي المآل والمصير… الخ، فإنَّ هذا الزمن لا يتحيَّز، بل يلازم الإنسان المسلم في كامل يومه، ليلِه ونهارِه، بل وحتى قبل نومه، وحين تقلُّبه في فراشه، قال تعالى: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ، رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ”(سورة آل عمران: الآيات 190-194) .
والفكر معناه «تردُّد القلب في الشيء»([63])، وفي الأثر: «لا عبادة كالفكر»([64])، يقول وهب بن منبِّه: «ما طالت فكرة امرئ قطُّ إلاَّ فهم، ولا فهم امرؤ قطُّ إلاَّ علم، ولا علم امرؤ قطُّ إلاَّ عمل»([65]). بل إنَّ العبادات المؤقَّتة نفسها إذا خلت من الفكر، لم يؤجر صاحبها عليها، وهو يأثم ويلحقه الوزر إن خالطها الرياء، ولو شغلت من يومه كلَّه أو جلَّه.
- ومن الزمن الصبغة كذلك، مزامنة الدعاء للعمل: والشاهد قوله تعالى إخبارا عن خليله إبراهيم عليه السلام: “وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (سورة البقرة: 127)، فزمن دعائهما كان ملازما وغير نافٍ لزمن رفع قواعد البيت، يقول القرافيُّ في “الفروق”: «فسؤالهما القبول في فعلِهما مع أنـَّهما – صلوات الله عليهما وسلامه – لا يفعلان إلاَّ فعلاً صالحا، يدلُّ على أنَّ القبول غير لازم من الفعل الصحيح، ولذلك دعَوا الله به لأنفسهما»([66]).
- زمن الصوم: الصوم فريضةً كان أو نفلا، يوجِّه روح المسلم إلى الله تعالى، ولا يأخذ منه زمنا خاصاًّ، كما لا يعطِّله عن العمل، ولا عن الترويح الحلال، ولا عن النوم، فهو كما عرَّفنا الزمن الصبغة: «لا يعني وجودُه انتفاء الأزمنة الأخرى»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله: «كلُّ عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلاَّ الصومَ، فإنـَّه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامَه من أجلي…»([67]).
- وآخر أنموذج للزمن الصبغيِّ، نستنبطه من آية البرِّ، التي أحصت أنواع البرِّ كلِّها، ونفت أن يكون البرُّ مجرَّد ممارسات شكلية خالية من الروح، قال تعالى: “لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ”(سورة البقرة: 177).
فكلُّ حركة للقلب، أو العقل، أو اللسان، أو الجارحة، أخذت في الحسبان العمق الإيمانيَّ، هي حركة مباركة ومقبولة عند الله تعالى، والزمن الذي تشغله طال أم قصر، هو زمن مثمر بنَّاء… والبرنامج الزمنيُّ في الفكر الإسلاميِّ يفسح المجال واسعاً لكلِّ ما يبني معاني الإيمان، ويسعى لهدم كلِّ مظاهر الشرك والكفر، فمن رسخت كلمة التوحيد في قلبه «بحقيقتها التي هي حقيقتها، واتَّصف قلبه بها، وانصبغ بها بصبغة الله، التي لا أحسن صبغة منها، فعرف حقيقة الإلهية التي يثبتها قلبه لله، ويشهد بها لسانه، وتصدِّقها جوارحه؛ ونفى تلك الحقيقة ولوازمها عن كلِّ ما سوى الله، وواطأ قلبُه لسانَه في هذا النفي والإثبات، وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية…» كلُّ من فعل هذا، أثمر كلما طيِّبا، يرفعه عمل صالح، متقبَّل عند الله تعالى([68]).
والحاصل، أنَّ البرمجة الزمنية من منطلقها الغربيِّ، لا تعير اهتماما لمثل هذا البعد الإيمانيِّ، العقديِّ، الصبغيِّ، بل تنظر إلى ظاهر الأعمال وشكلها، وتهتمُّ بتعدادها وضبطها، وأقصى ما يمكن أن تصل إليه من العمق هو البحث عن الإحساس القلبيِّ بالسعادة، والطمأنينة الآنية بالعمل المنجز([69])، والنظر إلى عاقبته الدنيوية القريبة، في سطحية وضيق أفق، والحقُّ «أنَّ الفهم الماديَّ للحياة يجعل الإنسان بطبيعته لا ينظر إلاَّ إلى ميدانه الحاضر، وحياته المحدودة، على عكس التفسير الواقعيِّ للحياة، الذي يقدِّمه الإسلام، فإنـَّه يوسِّع من ميدان الإنسان، ويفرض عليه نظرة أعمق إلى مصالحه ومنافعه، ويجعل من الخسارة العاجلة ربحاً حقيقيًّا (…) “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا”»([70]) “وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ” (سورة فصلت: 46)، “ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ” (سورة الجاثية: 15).
[1] – مثل الموجات التي أقحمت الفكر الإسلامي ضمن “الاشتراكية” أو “الديمقراطية”، وحاليا “العولمة”، محاولِة تطبيق أسسها عليه، وإخضاعه لمواضيعه ومناهجه.
[2] – الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى (ت. 790هـ/1388م): الاعتصام؛ ضبطه وصحَّحه أحمد عبد الشافي؛ دار الشريفة، الجزائر، د.ت.ن.؛ ص238-241.
[3] – بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب؛ ص304.
[4] – الشاطبي: الاعتصام؛ ص238.
[5] – رواه مسلم؛ كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة؛ ج2/ص1020، رقم 1401. بسند: «حدثني أبو بكر بن نافع العبدي، حدثنا بهز، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس أنَّ نفرا…».
[6] – رواه البخاري؛ كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع؛ ج2/ص694، رقم 1867؛ بسند: «حدثنا محمد بن بشار حدثنا جعفر بن عون حدثنا أبو العميس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم…».
[7] – إسماعيل القاضي: شيخ الإسلام الحافظ أبو إسحاق بن إسحاق ابن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي البصري ثم البغدادي المالكي (ت. 282هـ/895م) قال عنه السيوطي: «صاحب التصانيف، وشيخ المالكية بالعراق وعالمهم، شرح مذهب مالك واحتج له… وولي القضاء ببغداد» السيوطي، أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر (ت. 911هـ/1505م): طبقات الحفاظ؛ دار الكتب العلمية، بيروت؛ 1403هـ؛ ج1/ص279.
[8] – أبو علي معقل بن يسار المزني البصري: صحابي من أهل بيعة الرضوان، روى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مات بالبصرة في أواخر خلافة معاوية. وانظر ترجمته في: الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز (ت. 748هـ/1347م): سير أعلام النبلاء؛ تح. شعيب الأرناؤوط، ومحمد نعيم العرقسوسي؛ مؤسسة الرسالة، بيروت؛ ط9: 1413هـ؛ ج2/ص576.
[9] – الشاطبي: الاعتصام؛ ص240.
[10] – هند بن أبي هالة التميمي: صحابي، وهو ربيب الرسول صلى الله عليه وسلم، أمُّه خديجة، روى عنه الحسن بن علي وغيره في صفة النبي صلى الله عليه وسلم. كان فصيحا بليغا، وصف النبي صلى الله عليه وسلم فأتقن. وانظر ترجمته في: ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي العسقلاني الشافعي (ت. 852هـ/1448م): الإصابة في تمييز الصحابة؛ تح. علي بن محمد البجاوي؛ دار الجيل، بيروت؛ 1412هـ/1992م؛ ج6/ص557.
[11] – الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى (ت. 279هـ/892م): شمائل النبي صلى الله عليه وسلم؛ تح. ماهر ياسين فحل، مر. بشار عواد معروف؛ دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2000م؛ حديث رقم 225، ص133 بسند: «حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا جُميع ابن عمر بن عبد الرحمن العجلي، قال حدَّثني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة زوج خديجة يكنى أبا عبد الله، عن ابن لأبي هالة، عن الحسن بن علي، قال: سألت خالي…». قال المحقِّق: «إسناده ضعيف جدا».
وروي في: ابن حبان، أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي (ت. 354هـ/965م): الثقات؛ مر. السيد شرف الدين أحمد؛ دار الفكر، بيروت؛ 1395هـ/1975م. ج2/ص145 بسند: «أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي يخبر بإسناد ليس له في القلب وقع ثنا سفيان بن وكيع بن الجراح ثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي أملاه علينا من كتابه ثنا رجل من بنى تميم من ولد أبى هالة زوج خديجة يكنى أبا عبد الله عن بن لأبى هالة عن الحسن بن على قال سألت خالي هند بن أبى هالة وكان وصافا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم».
وروي بلفظه في: الهيثمي، علي بن أبي بكر (ت. 807هـ/1404م): مجمع الزوائد؛ دار الريان للتراث-دار الكتاب العربي؛ القاهرة-بيروت؛ 1407هـ؛ ج8/ص273.
[12] – باستثناء عهد الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز (حكم: 99-101هـ/718-720م)، قال عنه ابن كثير: «ويخرج منهم [من وصف بالهرج من الخلفاء] عمر بن عبد العزيز الذي أطبق الأئمة على شكره وعلى مدحه وعدوه من الخلفاء الراشدين وأجمع الناس قاطبة على عدله وأن أيامه كانت من أعدل الأيا». ابن كثير، أبو الفدا إسماعيل بن عمر القرشي (ت. 774هـ/1372م): البداية والنهاية؛ مكتبة المعارف، بيروت؛ د.ت.ن؛ ج6/ص249.
[13] – الشامي: الزمن في حركة العاملين؛ ص141.
[14] – صفوت، أحمد زكي: عمر بن عبد العزيز؛ سلسلة اقرأ، عدد 65؛ دار المعارف، مصر، 1948م؛ ص21.
[15] – الكيا الهراسي: هو علي بن محمد بن علي شمس الإسلام عماد الدين أبو الحسن الطبري، المعروف بإلكيا الهراسي: تفقَّه ببلده ثم رحل إلى نيسابور قاصدا إمام الحرمين، وعمره ثماني عشرة سنة، فلازمه حتى برع في الفقه والأصول والخلاف. وطار اسمه في الآفاق. توفي في المحرم سنة أربع وخمسمائة وعمره أربع وخمسون سنة» انظر ترجمته في: أبو بكر بن أحمد ابن محمد بن عمر بن قاضي شهبة (ت. 851هـ/1447م): طبقات الشافعية؛ تح. الحافظ عبد العليم خان؛ عالم الكتب، بيروت؛ 1407هـ. ج2/ص288.
[16] – العكري، عبد الله بن أحمد الدمشقي (ت. 1089م/1678م): شذرات الذهب في أخبار من ذهب؛ دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.ن.؛ ج2/ص8-9 ؛ وانظر- ابن كثير: البداية والنهاية؛ ج6/ص249 وما بعدها.
[17] – حسن، إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام، السياسي والديني والثقافي والاجتماعي؛ مكتبة النهضة المصرية، مصر، ط7: 1964م؛ ج2/ص424..
[18] – نفس المرجع؛ ج2/ص444.
[19] – الدبابي، سهام (الجامعة التونسية): تهذيب المائدة في الأندلس؛ المجلة العربية للثقافة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس (عدد 27: السنة 14، ربيع الأول 1415هـ/سبتمبر 1994م) ص165
[20] – منصور بن زاذان (ت. 131هـ/749م): ولد في حياة ابن عمر، وروى الحديث، ترجم له الذهبي، ووثَّقه، ومن جملة ما قال عنه: «كان منصور بن زاذان يقرأ القرآن كلَّه في صلاة الضحى، وكان يختم القرآن من الأولى إلى العصر…كان يختم فيما بين المغرب والعشاء مرتين والثالثة إلى الطواسين، وكان يبل عمامته من دموع عينيه». وظاهر أنَّ هذا مخالف لِما قرَّره الفقهاء من عدد الختمات، ولما جاء به الشرع الحنيف.
وانظر- الذهبي: سير أعلام النبلاء؛ ج5/ص441-442.
[21] – المقريزي، أحمد بن علي (ت. 845هـ/1441م): مختصر قيام الليل وقيام رمضان للمروزي (ت. 294هـ)؛ عالم الكتب، القاهرة، ط2: 1403هـ/1983م؛ ص28.
[22] – البهائي: هو محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني. فقيه، محدِّث، لغويٌّ، رياضيٌّ. ترك جملة من التآليف في مختلف المواضيع. ولد في بعلبك سنة 953هـ/1546م، وتوفي في أصفهان سنة 1030هـ/1620م. وليس هو البهائي الذي تنسب إليه الفرقة البهائية. وانظر-بهاء الدين العاملي (ت. 1030هـ/1620م): مفتاح الفلاح، برنامج الشيخ البهائي للعبادات اليومية؛ مركز بقية الله الأعظم للدراسات والنشر، بيروت، ط1: 1999م؛ ص7-8.
[23] – نفس المرجع؛ الواجهة.
[24] – نفس المرجع؛ ص68.
[25] – هو الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر (ت. 148هـ/765م): أحد الأيمة الشيعة الاثنا عشرية، سليل النبوة. بقيت آثاره في كتاب جمعه تلميذه جابر بن حباب في ألف ورقة. انظر ترجمته في: العكري: شذرات الذهب في أخبار من ذهب؛ ج1/ص7، 200… وابن تغري بردي، جمال الدين أبو المحاسن الأتابكي (ت. 874هـ/1469م): النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة؛ المؤسسة المصرية العامة، مصر؛ د.ت.ن؛ ج2/ص8.
[26] – رضا علوي: كيف تستثمر وقتك؛ ص58-60.
[27] – تقدَّم تخريجه، انظر أعلاه- ص83.
[28] – بيجوفيتش: الإسلام بين الشرق والغرب؛ ص287.
[29] – عبد الإله: وقفات مع الوقت؛ ص13-14.
[30] – نعم كان ابن عمر رضي الله عنه يكثر من قراءة القرآن والصوم، ولكننا ننـزِّهه عن تضييع الأهل، وتضييع حقوق الأرحام، ولقد روي تقويم الموقف عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لو أنَّ المؤلِّف أورد جملة الأحاديث المروية في هذا التصحيح، وامتثال ابن عمر له، لكان أحسن. نذكر من بينها حديثا رواه البخاري؛ كتاب فضائل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن؛ ج4/ص1926، رقم 4765؛ بسند: «حدثنا موسى، حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال: «أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنته، فيسألها عن بعلها، فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا، ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه. فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي عليه السلام، فقال: القني به. فلقيته بعدُ، فقال: كيف تصوم؟ قال: كلَّ يوم، قال: وكيف تختم؟ قال: كلَّ ليلة. قال: صم في كلِّ شهر ثلاثة، واقرإ القرآن في كلِّ شهر. قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: صم ثلاثة أيام في الجمعة، قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: أفطر يومين وصم يوما، قال قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: صم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كلِّ سبع ليال مرَّة، فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذاك أني كبرت وضعفت. فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار، والذي يقرؤه يعرضه من النهار، ليكون أخف عليه بالليل، وإذا أراد أن يتقوَّى أفطر أياما، وأحصى، وصام مثلهن، كراهية أن يترك شيئا فارق النبي صلى الله عليه وسلم عليه. قال أبو عبد الله وقال بعضهم: في ثلاث، وفي خمس، وأكثرهم على سبع».
[31] – قيمة الزمن عند العلماء؛ ص48، 71…
[32] – نفس المرجع؛ ص31.
[33] – نفس المرجع؛ ص32-33. راعى المؤلِّف زمن العالِم، ولم يعتبر زمن أخته التي كانت تشتغل بتلقيم أخيها الطعام.
[34] – عطيات: أوقات الفراغ والترويح؛ ص73-74.
[35] – نفس المرجع؛ ص53-81.
[36] – نفس المرجع؛ ص170 وما بعدها.
[37] – محادين: استثمار الوقت؛ ص27. بمطالعة الكتاب يتبين أنَّ محادين لم يعتبر زمن العبادة لا ضمن وقت العمل، ولا ضمن وقت الفراغ.
[38] – الطنطاوي، علي: في سبيل الإصلاح؛ دار الفكر الإسلامي، دمشق، ط1: 1378هـ/1959م؛ ص118.
[39] – وانظر في المعاني الحضارية لهذه الآية: -العمري، أكرم ضياء: الإسلام والوعي الحضاري؛ دار المنار، جدة، السعودية، ط1: 1407هـ/1987م؛ ص69 -النجار، عبد المجيد: الإيمان والعمران؛ مجلة إسلامية المعرفة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة (عدد 8: السنة 2، ذو الحجة 1417هـ/1997م) ص51-52.. – جودت، سعيد: الإنسان حين يكون كلاًّ وحين يكون عدلاً؛ المطبعة العربية، غرداية، الجزائر؛ 1990م؛ كلُّه.
[40] – قطب، محمَّد: قبسات من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ دار الشروق، بيروت، ط5: 1398هـ/1978م؛ ص24 .
[41] – وقت الفراغ في المجتمع الحديث؛ ص22
[42] – نفس المرجع؛ ص272.
[43] – كيف تستثمر أوقاتك؛ ص83-84.
[44] – الوقت هو الحياة؛ ص75 وما بعدها.
[45] – الوقت في حياة المسلم؛ ص25-33.
[46] – قيمة الزمن عند العلماء؛ ص10.
[47] – الشباب وأوقات الفراغ؛ ص21-25.
[48] – الخطَّة البرَّاقة؛ ص133-140.
[49] – هذه الخصائص هي: الخاصية الأولى: الزمن المهيمِن هو الأطول كـمًّا من غيره، في اليوم. الخاصية الثانية: الزمن المهيمِن هو الزمن الذي يأوي القيم المهيمِنة. الخاصية الثالثة: الزمن المهيمِن هو الذي يميِّز الهيئات الاجتماعية المهيمِنة. الخاصية الرابعة: الزمن المهيمِن يحدَّد من خلال النتاج المهيمِن للمجتمع، سواء أكان اقتصاديا، أم ثقافيا، أم روحيا. الخاصية الخامسة: الزمن المهيمِن هو الزمن الذي يُعرف به مجتمع ما، بغضِّ النظر عن حقيقة الأمر (أي هو زمن التمثيل الاجتماعي). انظر أعلاه- ص69-70.
[50] – تحتَ عنوان “عودة زمن مقدَّس جديد” يقول “سيو”: «الخلل الذي يميز الزمن المعاصر، وبالتحديد الزمن الصناعي، هو كونه حوَّل الكيف إلى الكمِّ، واختزل مواصفات الزمن في بُعدها الكمِّي فقط، فجعله زمنا رياضيا، مجرَّدا، وعالميا». Sue. P292
[51] – الشعراوي: تفسير؛ قرص مدمج، رقم3، تفسير الآية 67، سورة يونس.
[52] – البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء (ت. 516/1122م): معالم التنـزيل؛ تح. خالد العك ومروان سوار؛ دار المعرفة، بيروت، ط2: 1407هـ/1987م؛ ج4/ص235.
[53] – رواه مسلم؛ كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها؛ ج1/ص63، رقم 35؛ بسند: «حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإيمان…».
[54] – الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد: جامع البيان عن تأويل آي القرآن؛ دار الفكر، بيروت، 1405هـ؛ ج1/ص570.
[55] – ابن القيم، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر (ت. 751هـ/1350م): مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين؛ تح. محمد حامد الفقي؛ دار الكتاب العربي، بيروت، ط2: 1393هـ/1973م؛ ج3/ص5.
[56] – الطبري: نفسه.
[57] – الزمن الفطريُّ: هو أكثر عمقا من الزمن البيولوجي، ذلك أنَّ الزمن البيولوجي مظهر من مظاهر الزمن الفطريِّ. وفي تقديرنا أنـَّه يمكن البحث عن أزمنة فطرية أخرى إضافة إلى الزمن البيولوجي، وهذا دور علماء الأحياء المسلمين.
[58] – ولا يقصد بالذكر هنا جملة من الأقوال، يكرِّرها الذاكر بانتظام، دون وعي لبعدها ومحتواها وروحها، مع الحرص على اكتمال عدد معيَّن من الأذكار في يومه فقط…
يذكر آدم ميتز أنَّ هذا النوع من “الذكر الآلي” استحدث في القرن الرابع للهجرة. ميتز، آدم: الحضارة الإسلامية، في القرن الرابع الهجري، أو عصر النهضة في الإسلام؛ تر. محمد عبد الهادي أبو ريدة؛ دار الكتاب العربي-مكتبة الخاجي، بيروت-القاهرة؛ ط4: 1387هـ/1967م؛ ج2/ص114.
[59] – رواه الترمذي؛ كتاب الزهد عن رسول الله، باب ما جاء في ذكر الموت؛ ج4/ص553، رقم 2307؛ بسند: «حدثنا محمود بن غيلان حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا…» قال أبو عيسى: «هذا حديث حسن صحيح غريب».
[60] – ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت. 774هـ/1372م): تفسير القرآن العظيم؛ دار الفكر، بيروت، 1401هـ؛ ج3/ص496.
[61] – الشعراوي: تفسير؛ قرص مدمج، رقم1، تفسير الآية 274، سورة البقرة.
[62] – البيضاوي: تفسير؛ ج2/ص130.
[63] – القرطبي: الجامع؛ ج4/ص314.
[64] – نفسه. نسب إلى الرسول u، ورواه أبو شيبة على أنـَّه حديث موقوف عن الصحابي أبي الدرداء رضي الله عنه، ومقطوع عن التابعيِّ أبي الحسن البصري رضي الله عنه. ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد (ت. 235هـ/849م): المصنف؛ (الأصلية: دار الفكر، بيروت) طبعة جامع الفقه، شركة حرف، الإمارات العربية المتحدة؛ 1999م؛ ج8/ص258. ولم أعثر على هذا الأثر في مراجع أخرى.
[65] – ابن كثير: تفسير؛ ج1/ص439.
[66] – القرافي، أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يلين الصنهاجي المصري المالكي (ت. 626هـ/1229م): أنوار البروق في أنواع الفروق؛ (الأصلية: عالم الكتب، القاهرة) طبعة جامع الفقه، شركة حرف، الإمارات العربية المتحدة؛ 1999م؛ ج2/ص51.
[67] – رواه: مسلم؛ في كتاب الصيام، باب فضل الصيام؛ ج2/ص807، رقم 1151؛ بسند: «حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش ح و حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن الأعمش ح و حدثنا أبو سعيد الأشج واللفظ له حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلُّ عمل…»
[68] – ابن القيم، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر (ت. 751هـ/1350م): إعلام الموقِّعين عن ربِّ العالَمين؛ تح. طه عبد الرؤوف سعد؛ دار الجيل، بيروت، 1973م؛ ج1/ص172.
[69] – رسل، برتراند: الوصول إلى السعادة؛ تر. نظمي لوقا؛ سلسلة كتب الهلال، رقم 221؛ دار الهلال، مصر، 1977م؛ ص164-166 وبعدها.
[70] – باقر الصدر، محمد: فلسفتنا؛ دار التعارف للمطبوعات، بيروت، ط15: 1410هـ/1989م؛ ص41