بسم الله الرحمن الرحيم
د محمد باباعمي
علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أن نقارب “الأهداف الكُبرى” بتقسيمها إلى “أعمالٍ صُغرى”، فقال فداه روحي: “إنَّ الدين يُسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلَبه، فسدّدوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغُدوة والرَّوحة وشيءٍ من الدلجة”.
والذي يشادَّ الدينَ هو الذي يتشدَّد فيه، ولا يلازم الرفق في عبادته وتدينه، بل يميل إلى التعسير بديلا عن التيسير على نفسه.
وأمَّا التسديدُ فهو “تحديد الهدف” الواضح، ويقال سدَّد الكُرة إلى المرمى؛
أمَّا المقاربة فهي “المرحلية” في إتيان العمل، ذلك أنَّ الواحد منا لا يستطيع أن يأتي العمل كاملاً ومرَّة واحدة، كما لا يستطيع أن يلتهم شاة كاملة مرَّة واحدة.
وأمَّا أبشروا، ففيه دلالة على التفاؤل، وعلى حسن الظن في الله تعالى؛ قال تعالى في حديث قدسي: “أنا عند ظني عبدي بي، فليظنَّ بي ما شاء”.
والأوقات التي تساعد على هذا “المنهج” في “برمجة الوقت وإدارتها” هي الغُدوة أي الفجر وأوَّل النهار، والرَّوحة وهي العشي وآخر النهار، والدلجة هي السير آخر الليل، أي وقت السَّحَر.
بهذه المعاني نلج رمضان، مسلَّحين “بمنهج” قويمٍ، و”ببرنامج زمنيٍّ” منفتح وفعال، وذلك بأن لا نأخذ أمورنا بالشدَّة، وبخاصة صغار السن، والأحداث، والشباب؛ فمثلا فيما يعني تلاوة كتاب الله تعالى، ليس أفضلَ من وِرد يومي يلازمه الواحدُ منا، ولا يتخلف عنه، ذلك أنَّ “خير الأعمال أدومها وإن قلَّ”، وكذا في أمر الصدقة، لزم المداومة عليها ولو كانت قليلة… والمطالعة، والرياضة، وزيارة الأرحام، ونفع الخلق… وغير ذلك من أعمال البر.
وليكن للواحد منَّا هدفٌ، أو أهدافٌ، لشهر رمضان؛ يقيس بها مدى كفاءته وفعاليته، وينشط بها في الفكر والعمل؛ ذلك أنَّ “غياب الهدف” هو السبب الأوَّل للكسل والخمول؛ و”تشتت الأهداف” هو السبب الأوَّل للتردُّد والضياع.
ولنحذر كثرة النوم، في الأوقات المباركة: الفجر، العشي، والسحَر؛ وليكن نومنا معتدلا، ولنستعن بالقيلولة، فإنها تعين على قيام الليل؛ وقد أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وداوم عليها، فقال: “قيلوا فإنَّ الشياطين لا تقيل”.
ها نحن نضع الرجل في بساط أوَّل يوم من رمضان، وفي رمشة عين أو أدنى من ذلك، وقبل أن يرتدَّ إلينا طرفنا، سنجد أنفسنا على بساط العيد، نودّع رمضان بقلوبٍ وجلة؛ ونفرج بالعيد الجديد بقلوب مخبتة؛ وهكذا الحياةُ سريعة هي مهما بدت بطيئة، والعمر قصير هو مهما طال، والعمل قليل مهما كثر؛ وليس أعظم من البركة التي ننالها من الله تعالى “ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم”.
رمضان مبارك… وتحية طيبة…
د. محمد باباعمي
وهران، فجر التاسع والعشرين من شعبان 1444ه/22 مارس 2023م
—–
#تأسيس_علم_الزمن_والوقت#إنتاج_المعرفة#timescience
Website | timescience.net
Telegram | t.me/Time_Science