“الإمام ابن باديس، علامةٌ فارقةٌ، ونقطة تحوُّلٍ، في خطِّ الزمن؛ هو نقطةُ انعطافٍ لا تخفى على المراقب البصير لحركة التاريخ المعاصِر؛ ومن ثم كان “للشريحة الزمنية” التي يقِف عليها، والتي صاغ – هو ومَن معه – بعضًا من معالمها، كان لها الأهمية القُصوى في فهم الماضي، واستيعاب الحاضر، والتخطيط للمستقبل.
سنعمُد في هذا البحث إلى “تراث الإمام ابن باديس”، وإلى ما كُتب عنه من مقالات، وما نقِل عنه من شهادات؛ لننقِّب عن “الآثار” التي تصوِّر الوقت والزمن، والتي تدلُّ على “النماذج الإدراكية الكامنة” لصاحبها، ذلك أنَّ التحوُّل غالبا لا يُكتشف إلاَّ من خلال “الحفر المعرفيِّ”، وتلك مهمَّة نقرُّ ابتداءً بصعوبتها، بل باستحالتها، في مقالٍ واحد، من باحث مفردٍ؛ ولكنَّها الدعوةُ إلى أن نولي الموضوع اهتماما “جمعيًّا جماعيًّا”، مِن مداخل شتى: علم البرمجة الزمنية، فلسفة العلوم، نظرية المعرفة، علوم اللغة، تاريخ العلوم، الدراسات الحضارية، العلوم الزمنية، علم اجتماع العلوم، علوم الإدراك، علم اجتماع الفراغ، مناهج تحليل النصِّ… وغيرها كثير.” مقدمة المؤلف.
تأتي هذه الوريقات البحثية الجليلة المعنى في سياق البحث عن مدلول الزمن وصورته في الفكر الإسلامي، وبالخصوص عند أعلامه، إذ يكون الإمام ابن باديس أحد رواده في العصر الحديث، وقد وردت مضامين البحث بالشكل الآتي:
- تمهيد
- الوقت بين الرشد والسفه
- عمر الإمام قصيرٌ، مباركٌ
- البرنامج اليوميِّ للإمام ابن باديس
- حلقة الدرس
- التأليف والكتابة
- الطعام
- النوم والراحة
- الرحلات الصيفية
- مضيعات الوقت
- السينما والترفيه ونشأة الكشافة
- الجدل والصراع، والسفاسف
- قراءة الأهرام، في غير وقتها
- السرعة في السير والخطو
- الأزمنة الثلاثة، وفكرة الإصلاح والتغيير
- خاتمة
ومما كان وراء تأليف هذه الرسالة يذكر المؤلف في خاتمته: “من يومِ طلب مني أستاذي الهادي الحسني أن أكتب مقالا عن الإمام ابن باديس، وأنا أتوجَّس خيفةً، مدركا أنَّ ما أكتبه لا ينبغي أن يكون “وصفا وتوصيفا”، في مرحلة تستدعي منَّا الجدَّ والجدية، والبحث العلميَّ الولود؛ ولكن، وعند اختياري للكتابة في “صورة الزمن عند الإمام”، تفتَّحت أمامي مغاليقُ الفكر والفعل، ووجدتُني أعيد قراءة حياتي على ضوء العالم العلامة: أصحح مساري، وأفضح كسلي، وأندم على تضييعي للوقت، وأستكثر نومي، وأستقلُّ عملي، ثم أستصغر همتي، وأجد برنامجي اليومي هزيلا… وأنتهي بمعالجة فعلية حيَّة، لا مجرد محفوظة أو نصٍّ ميِّت.
باختصارٍ، ليس يعنيني في شيء أن أدبِّج الألفاظ والكلمات، ولا أن أحلِّل وأركِّب الأساليب والأفكار؛ وإنما الذي يعنيني، وأظن أنه يعني كلَّ قارئ بصيرٍ، صاحب همٍّ وهمة، هو أن نقتفي الأثر، ونقتدي بمن وهب مهجته وعمره لدينه وأمته؛ ثم نحاربَ الاستحالة فينا، ونحتفي بميلاد الممكن في حاضرنا؛ ونحن نقرأ ونعيد “صورة الزمن عند الإمام عبد الحميد بن باديس”، عليه شآبيب الرحمة، وله منا السلام، وهو القائل:
“إنَّ عمُرَ الإنسان أنفسُ كنزٍ يملكه، ولحظاتُه محسوبة عليه، وكلُّ لحظة تمرُّ معمورةٌ بعملٍ مفيدٍ فقد أخذ حظَّه منها وربـِحها، وكلُّ لحظة تمر فارغة فقد غبن حظَّه منها وخسِرها… فالرشيد الرشيد هو من أحسن استعمال ذلك الكنز الثمين، فعمَّر وقته بالأعمال، والسفيهُ السفيه مَن أساء التصرُّف فيه، فأخلى وقته من العمل”.“
تحميل كتاب صورة الزمن عند الإمام ابن باديس
= العنوان: صورة الزمن عند الإمام ابن باديس
= المؤلف: د. محمد باباعمي.
= دار النشر: مؤسسة كتابك – الجزائر.
= الطبعة: الأولى – سنة 1438 هـ / 2017م.
= عدد الصفحات: 48.