في “نقطة الانعطاف”، و “على تلة الرماة”…

في حساب التفاضل، نقطة الانقلاب، أو نقطة الانعطاف Point of inflection: هي نقطةٌ واقعةٌ على مُنحنًى، يحدث عندها تغيُّر في إشارة الانحناء؛ أي أنَّ المنحنى يتغير من كونه محدبًا إلى أعلى (انحناء موجب)، ويصير محدبًا إلى أسفل (انحناء سالب)، أو العكس. 

وفي “علم السيرة النبوية” “تلة الرماة” هي: التلة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرماة أن يتجمعوا فيها في غزوة أحدٍ، وكان عددهم خمسين رجلاً، ليحمُوا ظهور المسلمين من تسلل المشركين من الخلف؛ لكنهم خالفوا أمره عليه السلام؛ ظنا منهم أنَّ المعركة قد انتهت، فاستغل المشركون خلوَّ الجبل من الرماة، فحملوا على المسلمين، فقتلوا منهم عددًا كبيرًا.

وضمن كتاب نشرتُه بعنوان: “المخانق والمضايق: بحثا عن نقطة الانعطاف” مقالٌ بعنوان: “تلة الرماة: المرتقى الصعب“؛ وإني على يقين أنَّ الواحد منا اليوم يمثل “نقطة الانعطاف” في “الدالة الجيبية” لحضارة أمَّته؛ فإمَّا أن يمثّل الانحناء الموجب، أو يمثّل الانحناء السالب (والإمكان الثالث مرتفع بالضرورة)؛ ذلك رهين بعلمه وعمله، بفكره وفعله، بصبره ومصابرته، بجهاده واجتهاده…

وأمَّا في المستوى الجماعي، فنحن اليومَ جميعا على “تلَّة الرماة“، أمِرنا أن نحمي ظهور أمَّتنا من الجهل، ومن التخلف، ومن التبعية، ومن الردة، ومن الرداءة، ومن الأعداء بجميع أشكالهم وألوانهم؛ فإمَّا أن نثبت على “تلة الرماة” فتنتصر أمَّتنا، حتى ولو لم ننل المكاسب، أو نغادرها طمعا في اقتسام الغنائم؛ فتأتي الهزائم لأمَّتنا من بابنا، ويدخل الشرك إلى مساجدنا من محرابنا، ويدبُّ الوهن في جامعاتنا من نافذتنا.

وإذا كانت هذه الصور الإدراكية صادقة على حالنا فُرادى، وعلى أحوالنا جماعات؛ في كل مناحي الحياة؛ فإنها في مجال العلم والمعرفة، والفكر والمنهج، والثقافة والحضارة… أبعدُ أثرا، وأكثرُ خطرا… 

ولأجل ذلك جاءت هذه الدعوى، سائلين الله: 

يا ربنا علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزدنا علمًا وهدًى“. 

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمةً، وهيء لنا من أمرنا رشدا“.

يا أرحم الراحمين…

عن د. محمد باباعمي

د. محمد باباعمي، باحث جزائري حاصل على دكتوراه في العقيدة ومقارنة الأديان، سنة 2003م، بموضوع: "أصول البرمجة الزمنية في الفكر الإسلامي مقارنة بالفكر الغربي"، وحصل على الماجستير في نفس التخصص سنة 1997 بموضوع: "مفهوم الزمن في القرآن الكريم"، وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في العقيدة والفكر الإسلامي، سنة 1994م، بموضوع: "مراعاة الظروف الزمنية والمكانية، والأحوال النفسية، في تفسير الآية القرآنية". صاحب الدعوى العلمية لتأسيس "علم الزمن والوقت"، بإشراك ثلة من الباحثين والأساتذة. للاطلاع على السيرة الذاتية التفصيلية: https://timescience.net/2021/11/13/%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%b9%d9%85%d9%8a-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a8%d9%86-%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%89-%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d8%b0%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%a9/

شاهد أيضاً

في وعي الإنسان بالوقت :: 04

النومُ آيةٌ من آيات الله ﷻ، لا يدركها إلاَّ من يتفكَّر ويُعمل عقلَه؛ أمَّا الغافل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *