علم الزمن والوقت
لا يمكن لبحث أن يستوفي أسماء جميع من كتب عن الزمن، أو في الزمن، أو ما حول الزمن؛ ذلك أنَّ مثل هذه المحاولة تعطي انطباعا أننا نؤرخ للعلم كله في التاريخ البشري؛ فالزمن حاضر في العلوم كلها، بصورة أو بأخرى؛ ولذلك ارتأينا أن نعدَّ عملا معجميا موسوعيا للعلماء الذين لهم أثر في هذا العلم، من التراث الإسلامي أولا، ثم مما له أثر مباشر على الفكر الإسلامي ثانيا.
ولقد تجاوزنا الحدود المعرفية التخصصية، و”الغيتوهات” العرقية واللغوية؛ وبعد جهد في البحث والتدوين، وصلنا إلى حوالي 1100 ترجمة لعالـمٍ؛ ممن نقدّر أنَّ له إسهاما مباشرا في علم من العلوم التي تصب في “علم الزمن والوقت”؛ ويمكن التمثيل لهم بـ:
عبد الله ابن أماجور (مطلع ق3هـ/9م) عرف في مجال الهندسة والفلك، وهو صاحب أرصاد كثيرة مع ابنه الحسن؛ له العديد من المؤلفات منها “الزيج السند هند”، و” جوامع أحكام الكسوفات وقران الكواكب”، و”زيج المريخ على التاريخ الفارسي” وغيرها.
عبد الرحمن الصوفي (ت.376ه/983م) وله إسهام كبير، ومؤلفات معتبرة في “علم الأسطرلاب”، ونسب إليه اكتشاف “علم الكواكب الثابتة”. له “العمل بالأسطرلاب” في حوالي 400 باب، وتُرجم كتابه “صور الكواكب الثابتة” إلى عدة لغات.
شمس الدين الروداني (1094ه/1683م)، الذي ولد في تارودانت بالمغرب ثم انتقل إلى درعة في الجزائر ودرس فيها؛ اخترع آلة توقيت سهلة التعامل لكون الأشياء فيها محسوسة الدوائر وتصلح لسائر البلدان على اختلاف عروضها وأطوالها.
حسن زاده آملي (و. 1346ه/1927م) وهو صاحب كتاب “دروس في معرفة الوقت والقبلة”، و”شرح زيج البهادري”، و”رسالة في الصبح والشفق”، و”استخراج جداول التقويم” وغيرها كثير.
هذه نماذج للتمثيل لا للحصر، ولا يزال البحث متواصلا؛ والمعضلة التي تعترضني هي في المحدَثين، ما هو المعيار الذي يمدّهم بالشرعية في الانتماء إلى علماء يُذكرون ضمن “علماء الزمن والوقت”؟؛ فمجرَّد الترجمة لكتابٍ، أو التأليف لبحثٍ، أو الاهتمام بموضوعٍ من مواضيع الزمن والوقت لا يؤهلهم بالضرورة إلى هذا المقام؛ إلا أن تكون لهم بصمة واضحة وإضافة معتبرة.
وكم من مؤلَّف يحمل عنوانا كبيرا، لكنَّ المحتوى فارغ، أو هو مجرَّد نقولٍ على شاكلة “قصّ لصق” من كتب أخرى غربية غالبا، يعرفها من اطلع عليها؛ بخاصة ما كان من قبيل الكشكول العلمي، من مثل “إدارة الوقت”، و”كذا قاعدة في تنظيم الوقت”، و”حكمٌ وأمثال في الوقت”… الخ.
