أول عبارة في إنجيل يوحنا هي: “في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله“. أمَّا القرآن الكريم في تأريخه الزمني لخلق الإنسان، فقد حملنا إلى مشهدٍ في الجنة حضرهُ الملائكةُ جميعًا، فأخبرهم الله تعالى أنه جاعل في الأرض خليفة؛ وكان منهم هذا السؤال: “أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ“؛ غير أنَّ المرجّح كان هو العلم الذي تلقّاه آدم من ربه… وبقية القصة يعرفها الجميع.
يمكن إذن – جريا مع جفري لانغ في كتابه: “حتى الملائكة تسأل!” – أن نقرر أنه:
في البدء كان السؤال. ثم بعد السؤال كان العلم، إلى أن نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أوَّل آية من القرآن الكريم: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ“.
واليوم نطرح جملة من الأسئلة بين يديْ ما اجتمعنا لأجله من “دعوى تأسيس علم الزمن والوقت“، ومنها:
- حين يكون لعالم من العلماء ثمرة جديدة، خارج حقل التقنيات والاختراعات: مصطلح، مفهوم، منهج، نظرية، علم… أين يسجلها؟
- وهل ثمة فرق بين الشرق والغرب اليومَ في نسبتها؟
- وهل مؤسَّسات “تصنيف العلوم”، و”العلم الرسمي”، و”الموسوعات المهيمنة”، التي تستأثر بصياغة المعايير والمقاييس… هل هي محايدة؟
- وهل ثمة علماء من الشرق أنتجوا علمًا، أو علومًا؟ عبر التاريخ أولا، ثم في واقعنا اليوم ثانيا؟ وحين يكونون، كم هي نسبتهم؟
- أساسا، هل يحق للشرقي أن يدّعي أنه أسَّس نظرية أو علمًا مثلا؟
- وإذا فعل، كيف يتم التصرف معه؟ من قِبل “وعائه الحضاري” أولا، ثم من قِبل الآخر؟ وهل من نماذج وأمثلة لذلك؟
- والعالم الشرقي حين يغادر (أو يهجَّر) إلى الغرب، ثم يلتحق بمؤسَّساته العلمية، هل تكون نسبته ونسبة علمه إلى الشرق أم إلى الغرب؟
- وهل يحق لأحد اليوم أن يرفع دعوى تأسيس علم جديد حول موضوع قديم هو: الزمن؟
- ألا توجد علوم تعالج الزمن من مداخل كثيرة؟
- وهل يعتبر الوحي مصدرا في هذه العلوم؟ أم هو مجرد دين، والعلم خلاف الدين؟
- وهل من يتعامل مع الوحي يدرك الأبعاد الحضارية، من مثل الزمن والوقت؟
- وهل المتخصص في علم من علوم الزمن له استعداد لاعتبار الوحي مصدرا؟
- وهل ثمّة اليوم مسائل في الزمن لم يتم معالجتها في بُعدها الكوني والإنساني؟ وهي في حاجة إلى علم، أو إلى علوم لكي تمدنا بالنتائج المرجوة؟
- ألا يوجد تناظر وجودي بين “الزمن” و”الإنسان”؛ فكما أنَّ الإنسان فُتّت ليُدرس، كذلك كان الأمر مع الزمن، بل الزمن أكثر تجريدا وأشدُّ حدَّة؟
- وإذا كانت هذه الدعوى خاطئة، هل من بديل للخروج من المأزق النفسي والمعرفي والحضاري الذي يكبّلنا؟
- وهل ما يحدُث اليوم في العالم من افتضاح المؤسسات المرجعية الدولية: الأمم المتحدة، منظمة الصحة العالمية، الجامعات الغربية، دوائر القرار الخفية، الإعلام المعولم… هل له أثر في إعادة السؤال عن المصداقية؟
- ما هي الأسس المنهجية والموضوعية لهذا العلم: علم الزمن والوقت؟
- وما هي ثمراته العلمية والعملية؟
- وما هي الخطوات التي سار، أو يسير عليها إلى أن يكتمل؟
- كيف يتم التداول بين العلماء لقبول أو نقض هذه الدعوى، أو غيرها؟ هل يمكن أن نرسي تقليدا لذلك؟