ما نسميه “دعوى تأسيس العلم” يسميه حسن حنفي، في كتابه “مقدمة في علم الاستغراب”: “البيان النظري لإعلان العلم“.
الدعوى التي أتقدم بها لا تتوجه إلى القاضي الغربي باعتباره الخصم والحكم، وإنما وجهتها الضمير الجمعي للأمة الإسلامية، والعقل الجمعي لحضارة برمتها، والقلب، والساعد… “لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ“.
الدعوى في الفلسفة هي: “قضيّة تشتمل على الحكم، المقصود إثباته بالدليل أو إظهاره بالتنبيه”.
وفي القضاء هي: “إجراء قانونيٌّ يقدّمه شخصٌ إلى المحكمة، يطلب فيه الانتصاف من شخص آخر، أو استرداد حقٍّ له، يقال: أقام دَعْوَى على فلانٍ في الأمر الفلاني“
“والدعوى يقيمها من لحقه ضرر مباشر مادّي أو أدبي من أية جهة كانت”.
أقول:
كل مفردات التعريف متوفرة في الدعوى التي أطلقها لتأسيس “علم الزمن والوقت“:
- ثمة حُكم مقصود إثباته بالدليل، وإظهاره بالتنبيه…
- ثمة ضرر مباشر وغير مباشر، مادي وأدبي…
- ثمة جريمة ومجرم وضحية…
- ثمة وعي ثم سعي لاسترداد حق مغصوب بالقوة…
- إلا أنَّ الظلم لا يأتي فقط من الآخر (الغرب) ولكنه أحيانا يأتي من الأنا في مختلف تمثلاته: الضعيف، الجاهل، الكسول، المقصّر، العاجز، التابع، الغافل، المستسلم… وأحيانا حتى المجتهد الذي لم يستفرغ الوسع تكون له نسبة من المسؤولية في الخطأ…
- بل، وترفع الدعوى لمن استفرغ الوسع في الاجتهاد، لكنَّ الوعاءَ الحضاري، والنسيجَ الحضاري… لم يُسعفه بالقدر الكافي للتحوُّل الحضاري المعرفي… “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ “.
الرهان على “تحصيل المصداقية” التي تسربت من بين أيدينا، لأسباب كثيرةٍ؛ وبدونها ستُهدر الكثير من جهودنا العلمية والمعرفية، الفردية والجماعية، وسنكون لقمةً سائغة لمن يتحكَّم فينا باسم “الشرعية الدولية”، و”المرجعية العالمية”، و”البعد الإنساني”… الخ. واستردادها يستدعي جهادا واجتهادا لا ينقطع (لنا في تجربة وسام العالم الجزائري أحسن مثال في بناء المصداقية على خط الزمن).